أكد السيد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن عمليات استرداد الأصول الإجرامية “تحولت من إجراء قانوني إلى استراتيجية تنموية” تخدم العدالة والاقتصاد معا، وذلك خلال افتتاح الورشة الإقليمية حول “تتبع وتجميد وحجز ومصادرة الأصول الإجرامية” المنعقدة بالرباط من 16 إلى 18 يونيو 2025.
وأوضح وهبي أن هذا اللقاء الإقليمي يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى التغيرات التي عرفتها توصيات مجموعة العمل المالي في سنة 2023، لا سيما المتعلقة بتجميد الأصول والمصادرة والتعاون الدولي، مبرزا أن الظرفية الدولية الراهنة تفرض تطوير أدوات استرداد الأصول المهربة وتعزيز آليات التجفيف المالي لمصادر الجريمة.
وأشار الوزير إلى أن غسل الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة تُعد من أبرز معيقات التنمية في مختلف أنحاء العالم، لافتا إلى أن “استرجاع ولو جزء يسير من هذه الأموال يمكن أن يشكل رافعة حقيقية لدعم السياسات العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
كما أكد أن آليات الحجز والمصادرة يجب أن تحترم في الوقت ذاته الضمانات القانونية للغير حسن النية، داعيا إلى معالجة الإشكاليات العملية التي ترافق تنفيذ هذه الإجراءات، خصوصا بطء المساطر وطول مدد التجميد، مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى إهدار قيمة الأصول.
وفي هذا السياق، كشف وهبي عن مشروع قانون لإحداث الوكالة الوطنية لتحصيل وتدبير الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة، وهي مؤسسة جديدة تهدف إلى تخفيف العبء عن الجهات القضائية وضمان تدبير أكثر نجاعة وشفافية للعائدات الإجرامية، كما ستوفر قاعدة بيانات مركزية تسهل التتبع القضائي والإداري.
وسجل الوزير أن المملكة المغربية، وبفضل تضافر جهود مختلف المؤسسات، استطاعت الخروج من لائحة المتابعة المعززة لمجموعة العمل المالي في 2023، كما واصلت تعزيز تعاونها الدولي من خلال:
تفعيل النشرة الفضية بالتعاون مع الإنتربول لتعقب الأموال المشبوهة
الانضمام إلى شبكة استرداد الأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA-ARIN)
إبرام أكثر من 80 اتفاقية تعاون قضائي دولي في المجال الجنائي
اعتماد مؤسسة قضاة الاتصال وخلق لجان مشتركة متعددة الأطراف
وختم وهبي كلمته بالتأكيد على أن مواجهة جريمة غسل الأموال تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية، داعيا إلى تعزيز آليات التعاون وتبادل التجارب والممارسات الفضلى لمكافحة هذه الجريمة العابرة للحدود.
وقد عرفت الورشة مشاركة واسعة لممثلين عن 15 دولة وهيئات دولية وإقليمية، مما يعكس التقدير الدولي لالتزام المغرب الراسخ بمكافحة الجريمة المالية وتعزيز الشفافية والاستقرار الاقتصادي بالمنطقة.