Banner Post

مجلس النواب يصوت بالأغلبية على مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في إطار القراءة الثانية

مجلس النواب يصوت بالأغلبية على مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في إطار القراءة الثانية، إليكم نص كلمة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أمام مجلس النواب اليوم الإثنين 24 يونيو 2024 بالمناسبة:

“بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

السيد الرئيس المحترم؛

السيدات والسادة النواب المحترمون؛

أتشرف اليوم بأن أحضر معكم أشغال هذا الاجتماع في إطار القراءة الثانية لمشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة بعد أن صادقت عليه لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلسكم الموقر كما ورد من مجلس المستشارين، وهي مناسبة لا أريد أن تفوتني دون التعبير عن خالص شكري للسيد رئيس مجلس النواب والسيدات والسادة النواب المحترمون على انخراطهم الجاد الذي أبانوا عنه خلال عرض هذا المشروع على مسطرة المصادقة التشريعية.

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمون؛

لا شك أن الوضعية الحالية للسياسة العقابية المعتمدة، تعكس لنا القناعة الراسخة بأن العقوبة السالبة للحرية، القصيرة المدة، ليست هي الحل أو الخيار الأنسب لإصلاح المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم داخل المجتمع، بل هي تشكل وسيلة عقابية باهظة التكاليف لاسيما في ظل الارتفاع المتزايد للساكنة السجنية والتي بلغ عددها حسب الإحصائيات المتوصل بها من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى متم شهر ماي 2024 ما مجموع 102127 معتقلا، وهو ما يستدعى اعتماد نظام العقوبات البديلة كحل معول عليه لتجاوز الإشكالات المطروحة لاسيما وأن النصوص التشريعية والتنظيمية لمختلف الأنظمة الجنائية المقارنة تؤكد التوجه الجديد نحو إقرار العقوبات البديلة كسبيل لمراجعة وتطوير السياسة الجنائية والتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، والتغلب على الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية، خاصة القصيرة المدة التي لا يكفي زمنيا لتحقيق برنامج تأهيلي فعال ومتكامل، زيادة على كونها تسمح باختلاط من هم قليلو الخطورة مع سجناء خطرين، وهو ما أثبت عدم جدوى العقوبات السالبة للحرية في تحقيق الردع المطلوب وإصلاح وتأهيل السجناء.

حضرات السيدات والسادة النواب المحترمون؛

يعد التنزيل الأمثل للعقوبات البديلة وتأطير اختصاصات الجهات المتدخلة، إحدى أهم المرتكزات الأساسية لإنجاح هذا الورش التشريعي الهام، حيث أن مشروع قانون العقوبات البديلة تضمن حيزا كبيرا لدور مختلف الأجهزة المتدخلة في عملية تنفيذ العقوبات البديلة من خلال تعزيز دور النيابة العامة في تفعيل العقوبات البديلة ومراقبة تنفيذها ومنح سلطة واسعة للقاضي الزجري في الحكم بالعقوبات البديلة في إطار السلطة التقديرية مع إسناد مهمة التنفيذ القضائي للعقوبات البديلة إلى قاضي تطبيق العقوبات تماشيا مع التوجه الجديد للسياسة الجنائية الوطنية نحو توسيع صلاحيات هذه المؤسسة وكذا منح الصلاحية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج فيما يخص تتبع تنفيذ العقوبات البديلة.

وإذا كانت عملية إعداد هذا النص القانوني والمصادقة عليه تعد إنجازا مهما في مسار إصلاح نظامنا العقابي الذي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في خطبه ورسائله المولوية السامية، يؤكد على ضرورة النهوض به في إطار سياسة جنائية حديثة وعصرية تروم بالأساس تطوير المنظومة القانونية الجنائية وتعزيز الآليات البديلة وتوسيع فرص الإفراج على النزلاء وتأهيلهم وإعادة إدماجهم، فإن التنزيل الأمثل للعقوبات البديلة يبقى هو المحك الحقيقي وهو ما حرصنا عليه طيلة مراحل إعداد هذا النص القانوني والتفاوض بشأنه، وسنواصل التنسيق بشأنه مع كافة الجهات المتدخلة بالحرص والاهتمام اللازمين خاصة مع كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج والقطاعات الحكومية والهيئات والمؤسسات المعنية.

كما سنحرص على إخراج النص التنظيمي المرتبط بالسوار الإلكتروني وتوفير الإمكانيات اللازمة لتنزيله على الوجه الأمثل داخل الأجل القانوني المحدد له.

وفي هذا الإطار سيتم الحرص من طرف الجهات المتدخلة على:

– التشجيع على اللجوء إلى العقوبات البديلة من قبل الأطراف المتدخلة في مسار العدالة الجنائية سواء كانوا قضاة حكم أو قضاة نيابة عامة أو محامون…؛

– تحسيس المجتمع بأهمية ونبل العقوبات البديلة وعلى التعايش مع المحكومين بها؛

– توفير الإمكانيات المادية واللوجستيكية الكفيلة بتفعيل العقوبات البديلة؛

– السعي إلى الفهم المشترك والسليم للنصوص القانونية الناظمة للعقوبات البديلة من خلال إعداد دليل عملي استرشادي موجه لفائدة جميع المتدخلين وكذا عقد دوارات تكوينية وندوات علمية في هذا الإطار؛

– تأهيل المحكوم عليهم لتقبل العقوبة البديلة وتجاوز فكرة الوصم الاجتماعي؛

– تفاعل القطاعات وجميع المؤسسات والهيئات للمساهمة في التنزيل الأمثل لنظام العقوبات البديلة.

والجدير بالذكر، أن هناك العديد من الإصلاحات المهمة التي ستعرفها المنظومة الجنائية كمشروعي مراجعة قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي وقانون السجون والسجل العدلي الوطني والوكالة الوطنية لتدبير الممتلكات المحجوزة والمصادرة ستسهم في تعزيز مسار العقوبات البديلة وإنجاحها.

وفي الختام، أغتنم المناسبة لأجدد التنويه بمختلف جهود السيدات والسادة النواب والمستشارين المحترمين الذين شاركوا في مناقشة هذا المشروع منذ مراحله الأولى، بحس عال من الجدية والمسؤولية، كما أجدد الشكر والامتنان للأمانة العامة للحكومة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وكل المتدخلين على تعاونهم في إخراج هذا النص التشريعي الذي يعد جيلا جديدا في السياسات العقابية إلى حيز الوجود، آملا أن تسهم المقتضيات التي جاء بها هذا المشروع في الحد من الآثار السلبية للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، وكذا تجاوز الإشكالات المرتبطة بالاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، ودفع المحكوم عليهم إلى إعادة الإدماج والتأهيل والانخراط الإيجابي في المجتمع، وغرس روح المسؤولية والمساهمة في الأوراش المفتوحة بروح وطنية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”

اترك تعليقا