Banner Post

التأثير الثنائي لوسائل التواصل الاجتماعي: بين توسيع حرية التعبير وتحديات الرأي العام

هند دهنو

تمثل وسائل التواصل الاجتماعي تطورا هائلا في عصرنا الحديث، حيث أصبح بإمكان الأفراد التواصل والتفاعل مع العالم بأكمله بشكل أسهل وأسرع من أي وقت مضى. إلا أن هذا التقدم التكنولوجي يثير أيضًا تساؤلات مهمة حول كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حرية الرأي والتعبير.

وسائل التواصل الاجتماعي تمكن الأفراد من التعبير عن أنفسهم وآرائهم بحرية. إذ يمكن لأي شخص نشر أفكاره ومشاركتها مع جمهور عالمي دون أية قيود جغرافية. هذا يمكن أن يعزز من تنوع وازدهار الأفكار والآراء.

يعد دور الوسائل الاجتماعية في النشاط السياسي، واحدة من أهم جوانب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حرية الرأي والتعبير دعما للنشاط السياسي والمشاركة المدنية. يمكن للأفراد الآن التعبير عن آرائهم والمشاركة في النقاشات السياسية بشكل أسرع وأكثر فعالية من خلال هذه الوسائل. حيث تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الأحداث والأخبار على الفور. هذا يمكن أن يكون مفيدًا للتوعية والتحفيز على العمل بشكل فوري فيما يتعلق بقضايا مهمة.

وفي هذا السياق، قالت الأستاذة مريم بليل، مديرة مشروع “نوابك” بجمعية “سمسم مشاركة مواطنة” ، إن “وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة حرة للتعبير عن الرأي، إلا أن ممارسة هذه المنصات أوضحت أن هناك عددا من الإشكالات المنظمة والتلقائية، أقصد بالمنظمة أن هناك أجندات سياسية لتحديد الرأي العام، ويتم التركيز على مواقف المؤثرين في الرأي العام بشكل أساسي. أما بخصوص الإشكال التلقائي فالمقصود منه انحياز بعض منصات الإعلام إلى رأي دون آخر، كمثال على ذلك تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الأحداث الأخيرة التي يمر منها قطاع غزة بفلسطين”. وأضافت بليل أن “الأساس والأصل هو ضرورة وجود حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مع مراعاة الأخبار الزائفة والتضليل وعدم انتهاك خصوصية الآخرين، وكذا تجنب التحريض والكراهية، إلا أنه يصعب تطبيق كل هذه القواعد كونها تعد نوعا التضييق على الحريات حيث نجد أشخاصا تمت محاكمتهم بسب تعبيرهم عن آرائهم بحرية”.

واحدة من أكبر التحديات التي تواجهنا في عصر وسائل التواصل الاجتماعي هي انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات غير الصحيحة بشكل واسع. يمكن للأفراد نشر معلومات زائفة بسهولة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إشاعة البلبلة والتظليل.

وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون منبرًا للكراهية والتطرف، حيث يستغل بعض الأفراد هذه المنصات لترويج آرائهم المتطرفة والعنفية. هذا يمكن أن يشكل تهديدًا للحوار البناء والتفاهم الاجتماعي. بعض الشركات الكبرى تقوم بمراقبة النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديد محتوى ما يمكن أن يتم نشره. هذا يمكن أن يحد من حرية الرأي والتعبير، وقد أثارت قضايا حول الخصوصية والمراقبة.

إن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حرية الرأي والتعبير هو مزيج من الإيجابيات والسلبيات. يعتمد كيفية استفادة الأفراد من هذه الوسائل بشكل كبير على وعيهم ومسؤوليتهم في استخدامها بشكل صحيح. بالنهاية، يجب أن نجد توازنا بين الاستفادة من فوائد وسائل التواصل الاجتماعي والحفاظ على حقوق الحرية الشخصية والتعبير بشكل عام.

قالت مليكة أكستور، باحثة في مجال الإعلام، إن “وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في توجيه و تشكيل وصناعة الرأي العام، إذ يمكن اعتبارها سلاح ذو حدين، يجمع بين ما هو إيجابي وما هو سلبي، كما تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تجميع كم هائل من المعلومات حول قضايا مهمة، هذه المعلومات يمكن أن تكون صحيحة أو خاطئة. وهي وسائل أصبحت كسلاح يستخدمه رواد مواقع التواصل للتعبير عن معتقداتهم وآرائهم المختلفة حول قضايا راهنة”. وأضافت في ذات السياق أن “وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في تشكيل الوعي السياسي وتعبئة الجمهور بالأخبار ذات الطابع السياسي.

إن توسيع حرية التعبير يعد أحد الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي. حيث يمكن للأفراد الآن التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم بشكل فوري وعلى نطاق واسع، مما يعزز التنوع الثقافي والفكري. يساهم هذا التوسع في تحفيز حوارات مجتمعية أكثر دينامية ويسهم في تشكيل آراء الناس حول مختلف القضايا.

على الجانب الآخر، تظهر تحديات كبيرة للرأي العام نتيجة لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن تؤدي الفلاتر الشخصية والخوارزميات إلى خلق فقاعات إلكترونية، حيث يتم تقديم المحتوى والأخبار بناءً على تفضيلات المستخدمين، مما يقلل من تعدد وجهات النظر ويعزل الأفراد في بيئة تعزز تأكيد الآراء القائمة وتقويض التواصل الحقيقي.

علاوة على ذلك، تشكل انتشار الأخبار المضللة والمعلومات الكاذبة تحدياً آخر. فبينما يمكن للأفراد نشر آرائهم بسهولة، يمكن أيضًا للمعلومات الزائفة الانتشار بسرعة، مما يؤثر على تشكيل الرأي العام ويثير قضايا اجتماعية وسياسية.

 

اترك تعليقا