Banner Post

ما بعد تحول تونس قيس سعيد من قضية الصحراء المغربية

شكل استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم مليشيات البوليساريو محط تنديد واستنكار المملكة المغربية بكافة مكوناتها وأطيافها. فمنذ مدة و المغرب الرسمي يتابع كافة المواقف السياسية والدبلوماسية التونسية من قضايا المغرب ويضعها ضمن ميزانه السياسي ومنظاره الدبلوماسي، وهي المواقف التي بدأت تتحور عن الموقف التونسي التاريخي من قضية الصحراء المغربية والمتمثل في الحياد الإيجابي الذي كرسه مؤسسوا جمهورية الاستقلال التونسية وظل عقيدة لا تتزحزح مع كل الرؤساء السابقين عن الرئيس قيس سعيد.

إن الموقف الجديد والمعلن من طرف تونس الحالية، والمتمثل في استقبال زعيم مليشيات البوليساريو ابراهيم غالي، ورغم كل التبريرات التي ساقتها الدبلوماسية التونسية فإنه يؤشر على مساق جديد اتخذته القيادة التونسية الجديدة، فبحسب متتبعين فإن تونس تتحول ببطئ ولعدة أسباب وعوامل إلى دولة تتحكم فيها نخبة عسكرية تابعة للجزائر.

ومن بين العوامل التي سرعت من ارتماء تونس في الحضن الجزائري تلك المرتبطة بالوضع الإقتصادي التونسي، فتونس بلد على حافة الإفلاس، حيث بلغ العجز في الموازنة العامة التونسية حوالي 7 مليارات دولار و8.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد في 2021. كما تواجه المالية العامة عبئا آخر، إذ عليها توفير حوالي 15.5 مليار دينار (5.6 مليار دولار) لخدمة الدين، منها 10 مليارات دينار (3.6 مليار دولار) بالنقد الاجنبي، وهي الأزمة التي تفاقمت بعد الأحداث العسكرية المتصاعدة في أوكرانيا، وهي أزمة اقتصادية تتنامى في سياق سياسي محلي مضطرب وصراع بين أجنحة في السلطة، إستقر به الحال في الآونة الأخيرة بتحكم الجيش التونسي ببعض مفاتيح المشهد السياسي ودعمه للرئيس قيس سعيد في مواجهة القوى السياسية التقليدية أو الأخرى التي أنجتها أحداث الربيع العربي، وبالتالي فإن كل تلك الأزمات جعلت من حبل النجاة الذي قدمته الجزائر لتونس والمتمثل في دعم مالي سخي على شكل قرض قيمته 300 مليون دولار يلتف حول عنق القيادة التونسية ويجعلها رهينة للمصالح الإقليمية الجزائرية، ودفعها بأن تتخندق معها ضدا على المصالح الاستراتيجية المغربية، كل ذلك مدعوم بدوغمة سياسية أساسها شيطنة المغرب.

إلى أن السؤال المطروح هل تحول الموقف التونسي بقيادة قيس سعيد سيجعل من تونس جزائر صغيرة في مواجهة المغرب؟؟ الجواب عن هذا السؤال نجده في تصريحات النخب التونسية المستلة والقوى الحية بتونس والذي عبرت عنه بكل صراحة، والمتمثل أولا بشجبها لموقف قيس سعيد، واعتبرته موقف لا يعبر عن توجهات الدولة التونسية كدولة بما تحمله من إرث اجتماعي وثقافي وتاريخي، وبالتالي فإن توجهات قيس سعيد من قضية المغرب الأولى لن تصمد أمام عزلتها الداخلية أولا وأمام صلابة الموقف المغربي ثانيا والذي أظهر مدى الإجماع الذي تحظى به قضية الصحراء المغربية لدى الدولة المغربية.

نقطة بريس

اترك تعليقا