أصدرت رئاسة النيابة العامة دورية جديدة موجّهة إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، تؤكد من خلالها إلزامية إخضاع الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية لفحص طبي كلما استدعت حالتهم ذلك، في إطار تعزيز حماية الحقوق والحريات وصون السلامة الجسدية.
ويأتي هذا التوجيه، بحسب البلاغ الصادر عن رئاسة النيابة العامة، في سياق تنزيل مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011، ولاسيما الفصل 22 الذي يجرّم كل أشكال المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية ويحظر التعذيب والمعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وكذا في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 23.03 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، وبما ينسجم مع التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان.
وأكدت الدورية على إلزامية إخضاع الشخص الموقوف لفحص طبي كلما لوحظت عليه علامات أو آثار تستدعي ذلك، مع إشعار النيابة العامة قبل إجراء الفحص، وإسناده إلى طبيب مختص في الطب الشرعي أو إلى طبيب آخر عند الاقتضاء، على أن يتم توثيق هذا الإجراء بالسجلات والمحاضر القانونية وإرفاقه بالتقرير الطبي.
كما شددت على وجوب الأمر بإجراء فحص طبي من طرف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك متى طلب ذلك المشتبه فيه أو دفاعه، أو عند معاينة آثار تبرر هذا الإجراء، مع التأكيد على الطابع الإلزامي للفحص الطبي في حالة الأحداث، سواء بطلب من أوليائهم القانونيين أو عند وجود مؤشرات تستوجب ذلك.
وأبرزت الدورية أن قانون المسطرة الجنائية في صيغته الجديدة أقر جزاءات إجرائية صارمة في حالة الإخلال بهذه المقتضيات، حيث يعتبر باطلاً كل اعتراف مدوّن في محاضر الشرطة القضائية إذا تم رفض إجراء الفحص الطبي رغم طلبه من طرف المشتبه فيه أو دفاعه، أو في حال وجود آثار ظاهرة للعنف.
ودعت رئاسة النيابة العامة، في السياق ذاته، إلى فتح أبحاث تلقائية وفورية بخصوص نتائج الفحوص الطبية وتتبعها بجدية، مع القيام بزيارات منتظمة لأماكن الحرمان من الحرية للتأكد من شرعية الإيقاف وظروفه، والتفاعل الإيجابي مع طلبات إجراء الخبرات الطبية المعروضة على القضاء.
كما نصت الدورية على إحداث سجل خاص بالفحوص الطبية، وتوجيه إحصائيات شهرية بشأنها إلى رئاسة النيابة العامة، مع الإشعار الفوري بالحالات التي تستوجب ذلك، بما يعزز آليات التتبع والتقييم.
وختمت رئاسة النيابة العامة دوريتها بالتأكيد على الأهمية البالغة لهذه التعليمات، داعية المسؤولين القضائيين إلى السهر على حسن تطبيقها بكل حزم وجدية، بما يضمن حماية الحقوق وصون الحريات وتعزيز ثقة المواطنين في العدالة.
