Top

الندوة الجهوية بالدار البيضاء تسلط الضوء على “العقوبات البديلة” كمدخل لإصلاح السياسة الجنائية بالمغرب

الدارالبيضاء

احتضن فندق ماريوت بمدينة الدار البيضاء، صباح اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025، أشغال الندوة الجهوية المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حول موضوع: “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: المقاربة التشاركية مفتاح أساسي لتطبيق أمثل للقانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة.”

وأُلقيت كلمة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، بالنيابة عنه من طرف أحمد والي علمي، رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد أحمد والي علمي أن تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق دخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، بعد صدور مرسومه التطبيقي عدد 2.25.386 في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 غشت 2025، مشيرا إلى أن هذا الورش التشريعي يشكل نقلة نوعية في مفهوم العقوبة، من منطلق جعلها وسيلة للإصلاح وإعادة الإدماج، بدل الاقتصار على الردع والعقوبة السالبة للحرية.

وأشاد ممثل رئاسة النيابة العامة بالدعم الذي يقدمه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في سبيل تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف مكونات منظومة العدالة، وبالمجهودات المبذولة من طرف وزير العدل لتحديث الترسانة القانونية ذات الصلة بالسياسة الجنائية والعقابية ببلادنا. كما نوه بالتعاون المثمر مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والذي مكن من الانطلاق الفعلي في تطبيق العقوبات البديلة بكل جدية ومهنية.

وأوضح المتحدث أن القانون رقم 43.22 أقرّ أربعة أصناف من العقوبات البديلة، هي: العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، الغرامة اليومية.

كما أبرز الدور المحوري للنيابة العامة في تنزيل هذا القانون من خلال التماس العقوبات البديلة، وتيسير تنفيذها، وتتبع مراحلها إلى حين اكتمالها، مع الحرص على ضمان العدالة وحماية الحقوق وفق ما ينص عليه الدستور المغربي.

وأشار والي علمي إلى أن رئاسة النيابة العامة وجهت الرسالة الدورية عدد 18/2024 بتاريخ 11 دجنبر 2024 إلى مختلف النيابات العامة بالمملكة، لحثها على الانخراط الفعلي في تفعيل القانون وتوحيد الرؤية حول آليات تطبيقه، إضافة إلى إعداد دليل استرشادي لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، نُشر خلال شهر غشت الماضي لتسهيل تنزيل أحكام القانون على أرض الواقع.

وفي تقييم أولي، كشف المتحدث أن وتيرة تفعيل العقوبات البديلة ما تزال متفاوتة بين مختلف المحاكم، ما يستدعي بذل مزيد من الجهود لتوحيد الفهم وتسريع وتيرة تطبيق هذه الآلية الجديدة التي تُعد أحد ركائز إصلاح السياسة العقابية بالمغرب.

كما دعا قضاة النيابة العامة إلى الانخراط الجاد والمبادر في تقديم ملتمسات تروم إلى اعتماد العقوبات البديلة خلال مرافعاتهم، وإلى استثمار الصلاحيات الممنوحة لهم بموجب المادة 22-647 من قانون المسطرة الجنائية لاستبدال العقوبات الحبسية بعقوبات بديلة في بعض الحالات الملائمة.

وأكد والي علمي أن هذا اللقاء يشكل فرصة لتبادل التجارب والخبرات بين مختلف المتدخلين في العدالة الجنائية، من أجل تجاوز الإكراهات القانونية والعملية التي برزت منذ دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، في أفق توحيد الفهم وتجويد الممارسة بما يعزز المقاربة التشاركية ويحقق المصلحة العامة.

وختم كلمته بالتأكيد على أن نجاح تنزيل العقوبات البديلة رهين بتكثيف التنسيق بين مكونات السلطة القضائية والمؤسسات الشريكة، ومواصلة العمل بنفس روح المسؤولية والانفتاح، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى ترسيخ عدالة فعالة وإنسانية تحفظ الحقوق وتدعم إدماج المخالفين في المجتمع.

اترك تعليقا