اجتماع اللجنة الوطنية للتقاعد يسلط الضوء على تباين المقاربات بين الحكومة والاتحاد المغربي للشغل
احتضن مقر رئاسة الحكومة، اليوم الخميس، اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد، ترأسه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، بمشاركة عدد من الوزراء المعنيين، ومديري الصناديق المدبرة لأنظمة التقاعد، إضافة إلى ممثلي المركزيات النقابية وأرباب العمل، وذلك في إطار استكمال مسار الحوار الاجتماعي ودراسة الوضعية الراهنة لأنظمة التقاعد بالمغرب.
إرادة حكومية لإصلاح مستدام
في مستهل الاجتماع، أكد رئيس الحكومة على التزام السلطة التنفيذية بنهج تشاركي لمعالجة هذا الملف الاجتماعي الحيوي، مشددًا على أن الإصلاح المنشود يجب أن يراعي في الآن ذاته حقوق الموظفين والأجراء والمتقاعدين، ويضمن التوازن المالي والاستدامة. واعتبر أخنوش أن ما تحقق من مكاسب خلال جولات الحوار الاجتماعي السابقة، لا سيما في مجال تحسين الدخل، يشكل أرضية ملائمة لاستكمال الإصلاحات المرتقبة.

وقدمت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عرضًا تقنيًا حول الوضعية المالية والديمغرافية للصناديق التقاعدية، مستعرضة بعض التحديات البنيوية، ومقترحة منهجية عمل تعتمد على التوافق من أجل الخروج بتصور إصلاحي شامل.
وخلص الاجتماع إلى الاتفاق على إحداث لجنة تقنية تضم ممثلي الحكومة والنقابات وأرباب العمل والصناديق المعنية، يُعهد إليها إعداد تقارير مفصلة حول وضعية الأنظمة التقاعدية، على أن تشرع في أشغالها بداية من شهر شتنبر المقبل.
موقف نقابي رافض للمقاربة “المقياسية”
من جانبه، عبر وفد الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، برئاسة الأمين العام الميلودي المخارق، عن رفضه لما وصفه بـ”المقاربة المقياسية” التي تعتمدها الحكومة، والتي ترتكز على ثلاث تدابير اعتبرها مجحفة: رفع سن التقاعد، ورفع نسب المساهمات، وتقليص قيمة المعاشات.
وأكد وفد الاتحاد، خلال الاجتماع، أن الأزمة التي تعاني منها بعض صناديق التقاعد تعود أساسًا إلى “سوء الحكامة”، وليس إلى خلل في التوازنات البنيوية، مشددًا على أن أي إصلاح يجب أن ينطلق من تحسين تدبير واستثمار احتياطات الصناديق وليس من تحميل الأجراء والموظفين كلفة العجز.
وفي هذا الإطار، دعا الاتحاد المغربي للشغل إلى زيادة عامة في معاشات التقاعد تشمل جميع الفئات: الموظفين في الوظيفة العمومية، العاملين في القطاع الشبه عمومي، والجماعات الترابية، إضافة إلى متقاعدي القطاع الخاص، معتبرًا أن المعاشات الحالية لا تضمن حياة كريمة لمن أفنوا سنوات خدمتهم في بناء الاقتصاد الوطني.
نحو توافق أم تصعيد؟
رغم تباين وجهات النظر، اتفق المشاركون على مواصلة الحوار في إطار اللجنة التقنية التي ستُكلف بإعداد أرضية مشتركة للإصلاح، مع الإبقاء على قنوات التشاور مفتوحة بين مختلف الأطراف.
ويرى مراقبون أن ملف التقاعد سيظل أحد أعقد الملفات الاجتماعية المطروحة على طاولة الحوار الاجتماعي، لما له من ارتباط مباشر بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، ولكونه يتطلب توازنًا دقيقًا بين الحماية الاجتماعية والنجاعة المالية.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الحكومة في تمرير إصلاح متوازن يحظى بقبول الشركاء الاجتماعيين؟ أم أن مواقف النقابات ستدفع نحو تأجيل جديد للملف في انتظار توافق أكثر عمقًا؟
نقطة بريس


