في قرار مفاجئ، تم إعفاء الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يونس السحيمي، الذي كان يُعتبر من قبل الكثيرين العقل المدبر والمحرك الرئيسي لسياسات الإصلاح التربوي في الوزارة. هذا القرار أثار تساؤلات حول مصير المشاريع التربوية التي كان السحيمي أحد أبرز داعميها، وعلى رأسها مشروع “المدارس الرائدة”.
مشروع “المدارس الرائدة” كان أحد أبرز المبادرات التي سعت إلى تحسين جودة التعليم من خلال تطوير النموذج البيداغوجي وتعزيز قدرات المؤسسات التعليمية. ومع رحيل السحيمي، يتساءل الكثيرون عما إذا كان هذا المشروع سيواجه مصيرا مشابها لمشاريع سابقة مثل “بيداغوجيا الإدماج”، التي اختفت تدريجيا بعد تغييرات إدارية سابقة.
من جهة، يرى البعض أن المشاريع التربوية الناجحة يجب أن تكون مؤسسية وقادرة على الاستمرار بغض النظر عن التغييرات الإدارية أو الشخصية. فإذا كانت “المدارس الرائدة” قد تم تأسيسها على أسس متينة وتمتعت بدعم واسع من المجتمع التربوي، فإنها قد تستمر في تحقيق أهدافها حتى بعد رحيل السحيمي.
من جهة أخرى، يشكك آخرون في قدرة هذه المشاريع على الصمود في ظل غياب القيادات التي كانت تدفع بها وتؤمن بها بشكل شخصي. فالتجارب السابقة أثبتت أن بعض المبادرات التربوية تفقد زخمها وتتلاشى مع تغيير المسؤولين عنها.
لا يمكن إغفال البعد السياسي في مثل هذه القرارات الإدارية. فالتغييرات في المناصب العليا غالبا ما تكون محكومة بموازين سياسية وتوجهات حزبية، مما قد يؤثر على استمرارية المشاريع القائمة. وفي هذا السياق، يطرح السؤال: هل كان إعفاء السحيمي قرارا تقنيا يعكس تقييما موضوعيا لأدائه، أم أنه جاء نتيجة حسابات سياسية داخلية؟
رحيل يونس السحيمي يضع مشروع “المدارس الرائدة” أمام اختبار حقيقي لمدى مؤسسية المشاريع التربوية في المغرب. فإما أن يثبت هذا المشروع أنه قادر على الاستمرار بغض النظر عن التغييرات الإدارية، أو أنه سيكون مجرد فصل آخر في سلسلة من المبادرات التي تتبخر مع تغيير الوجوه. وفي كل الأحوال، فإن مصير “المدارس الرائدة” سيكون مؤشرا مهما على قدرة النظام التربوي المغربي على الحفاظ على استمرارية الإصلاحات بعيدا عن التأثيرات الشخصية والسياسية.