Banner Post

الطريق إلى المستقبل..من المغرب إلى السنغال عبر الطاقة الشمسية

على امتداد دروب الصحراء الكبرى التي طالما احتضنت أحلام المستكشفين، انطلق فريق “الرحلة الخضراء” في مغامرة غير مسبوقة، حاملا شعلة الأمل لمستقبل مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة، بعد اجتيازهم لروائع الطبيعة الصحراوية جنوب المغرب، بكل ما تحمله من تحديات وسحر بيئي فريد، عبر الفريق إلى موريتانيا السبت الماضي، ليبدأ فصلا جديدا من رحلتهم.

“بلد جديد، أجواء جديدة”، هكذا وصف قائد الفريق إريك فيغورو بداية تجربتهم في صحراء موريتانيا، المعروفة بحرارتها وجفافها، حيث واجهوا حرارة قاسية تجاوزت 40 درجة مئوية، كانت أول اختبار حقيقي لصبرهم وعزيمتهم في مواجهة الطبيعة القاسية، ضمن مسعاهم لتحقيق أهدافهم البيئية النبيلة.

تحديات الطريق المتهالك وروح الفريق

على طريق متهالك امتد لأكثر من 200 كيلومتر، قاد الفريق سياراتهم بحذر شديد لتجنب تلف المركبات الكهربائية الصغيرة. ورغم ذلك، واجهوا مشكلة طفيفة في أحد ممتصي الصدمات لسيارة كمال، لكن التعاون السريع بين أعضاء الفريق سرع عملية الإصلاح، ليواصلوا الرحلة دون تأخير يذكر.

دهشة الصحراء.. ومشهد من الخيال العلمي

كانت السيارات الكهربائية الصغيرة “سيتروين AMI”، التي تعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية، أشبه بسفن فضائية تخترق الصحراء الكبرى لأول مرة، توقف الفريق في نواذيبو لشحن بطاريات السيارات، ليظهر مشهد فريد وعجيب: مركبات صغيرة وسط أرض قاحلة شاسعة، محاطة بلوحات شمسية، وكأنها مأخوذة من فيلم للخيال العلمي.

هذا المشهد الذي أثار فضول المارة وتساؤلاتهم لم يكن مجرد استعراض، بل كان رسالة قوية، أن المستحيل يمكن ترويضه بالإصرار والتخطيط، كما نجح مارك واتني، بطل فيلم “المريخي”، في زرع الحياة على كوكب قاسٍ، أثبت فريق “الرحلة الخضراء” أن الصحراء الكبرى ليست عقبة أمام الإبداع البشري.

في اتجاه السنغال..لقاء الماء والحياة

مع شروق شمس يوم جديد، انطلقت السيارات من نواكشوط عبر طريق شهد تحولا تدريجيا من أراضٍ قاحلة إلى غابات وقرى نابضة بالحياة، وفي الأفق، لمعت مياه نهر السنغال كخيط من الضوء، كذلك النور الذي يضيء مدرجات هبوط الطائرات العملاقة من السماء اللامتناهية، معلنة هبوط طائرات فريق إريك الصغيرة إلى البلد الثالث في رحلتهم الإفريقية.

سحر سانت لويس..حيث يتعانق الماضي بالحاضر

سانت لويس، بجمالها الآسر وروحها العريقة، كانت المحطة الأولى للفريق في السنغال. وصف إريك شعوره بالعودة إلى المدينة بعد ثلاثين عاما وكأنها كانت بالأمس.
شارك الفريق في نشاطات بيئية مع طلاب المعهد الفرنسي، حيث تعرفوا على مشاريع محلية لحماية البيئة، وكان اللقاء الأبرز مع رجل يلقب بـ”مجنون المانغروف”، الذي حول مكب نفايات إلى واحة خضراء بأشجار المانغروف التي زرعها خلال عقدين من الزمن، مانحا الحياة للتنوع البيولوجي المحلي.

معجزة المانغروف تكمن في قدرتها على تخزين أكثر من 6.23 جيغا طن من الكربون حول العالم، مما يجعلها أداة مهمة في مكافحة تغير المناخ.

وداع كمال وترحيب بسيادو

في داكار، ودع الفريق كمال الذي اضطر للعودة إلى المغرب لأسباب شخصية. ولكن الرحلة الخضراء لا تعرف التوقف، حيث انضم ميكانيكي سنغالي شاب يُدعى “سيادو”، يبلغ من العمر 23 عاما، ليكمل الطريق بروح الشباب الإفريقي الطموح.

عبور باريس-داكار الجديد

مع وصولهم إلى داكار، استعاد إريك ذكرياته من آخر مشاركاته في رالي داكار عام 2007، ولكنه هذه المرة لم يكن يقود شاحنة رباعية الدفع تتحدى الرمال وتشق الطرقات، بل سيارة كهربائية صغيرة تسير بسرعة لا تتجاوز 45 كيلومترا في الساعة. ومع ذلك، شعر بسلام داخلي، مؤكدا أن الرحلة لم تكن مجرد عبور للمسافات، بل تجربة تأمل ولقاءات إنسانية، ورسالة بأن التحول الطاقي ممكن في أي وقت.

وهكذا، تستمر ‘الرحلة الخضراء” في نسج فصل جديد من قصتها الملهمة، مؤكدة أن التحديات ليست سوى بوابة لتحقيق الأحلام، وأن الصحراء، بما تحمله من صلابة وإبداع، أصبحت شاهدة على إرادة الإنسان في صنع مستقبل أخضر ومستدام.

نقطة بريس

اترك تعليقا