تشهد المصايد البحرية المغربية، خصوصا في موانئ أكادير، سيدي إفني، وطانطان، تراجعا كبيرا في الكميات المفرغة من الأسماك للموسم الحالي، مما يشكل تهديدا متزايدا لقطاع الصيد البحري للسنة الثانية على التوالي. هذا الانخفاض المستمر، الذي لوحظ خلال فصلي الصيف والشتاء على حد سواء، أثر سلبا على نشاط مراكب الصيد، حيث اضطرت العديد منها إلى التوقف عن العمل بسبب تراكم الديون وصعوبة توفير أطقم بحرية كافية لمزاولة نشاط الصيد، الأمر الذي يعمق الأزمة في هذا القطاع الحيوي.
وبحسب تصريحات ميدانية لبعض البحارة، فإن هذه الأزمة لا تقتصر على موانئ المنطقة الوسطى فقط، بل تشمل الساحل المغربي عامة. ويرجع البحارة هذا التدهور في المخزون السمكي إلى عدة عوامل، من أبرزها نشاط سفن الصيد “بلاجيك RSW” والسفن الروسية العاملة في مياه الداخلة، والتي تتسبب في استنزاف الموارد البحرية. كما أن استخدام بعض الشباك غير القانونية يفاقم من استنزاف الأسماك ويهدد التوازن البيئي للمنطقة. ومن ناحية أخرى، تساهم التغيرات المناخية في تدهور المخزون السمكي، مما يزيد من صعوبة مواجهة هذه الأزمة.
ويحتل سمك السردين مكانة هامة ضمن أنواع الأسماك التي تعتمد عليها المصايد المغربية، إذ يتكاثر هذا النوع تحديدا في منطقتين في العالم: خليج الداخلة في المغرب وخليج المكسيك. ولهذا، يعد الحفاظ على هذا المخزون البحري ضرورة ملحة لاستدامة الثروة السمكية وضمان مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني.
في هذا السياق، وجهت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، دعوة لرئيس الكونفدرالية المغربية للصيد التقليدي لحضور أول لقاء تواصلي سيجمع رؤساء الغرف الفيدراليات والجمعيات الفاعلة في القطاع، بهدف تعزيز المقاربة التشاركية وإشراك مختلف الفاعلين المهنيين في وضع وتفعيل القرارات المتعلقة بتدبير الثروات البحرية وضمان استمراريتها. يُعقد هذا اللقاء يوم الثلاثاء 12 نونبر، بمقر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، على الساعة العاشرة صباحا.
وبهدف تحقيق نتائج فعالة ودائمة، يرى المهنيون أن مشاركة الأطقم البحرية والعاملين الميدانيين في هذا اللقاء التواصلي يجب أن تكون أولوية، باعتبارهم الأكثر ارتباطا بالتحديات التي تواجه القطاع يوميا، وأكدوا أن الحلول المستدامة تتطلب تواصلا مباشرا مع المهنيين وليس فقط مع أرباب المراكب، لضمان مقاربة شمولية تستهدف الحفاظ على الثروة السمكية وحماية موارد البحر.
وأمام هذا التراجع المقلق، يتساءل العاملون في القطاع عن دور الحكومة في تقديم دعم حقيقي ومستدام لضمان استمرارية الصيد البحري، وحماية البيئة البحرية، والحد من تأثير نشاط السفن الأجنبية على المخزون السمكي. ويظل السؤال قائما: هل تتطلب الأزمة تدخلات عاجلة لدعم قطاع الصيد البحري، أم أن هناك خطوات إضافية ضرورية لضمان استدامة الموارد البحرية؟