أظهر تقرير حديث للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أن المغرب يحتل المرتبة 30 من بين 60 دولة ذات أعلى ناتج محلي إجمالي، متقدما بأربع مراتب عن ترتيبه في عام 2023. وعلى الرغم من هذا التحسن الملحوظ في الأداء الاقتصادي، لا تزال سمعة المغرب الخارجية متوسطة، حيث لم يتجاوز مؤشر سمعته 50 نقطة من أصل 100 نقطة. هذا الأمر يسلط الضوء على الفجوة بين النمو الاقتصادي والانطباعات العامة التي تتشكل عن المملكة.
تشير البيانات إلى أن سمعة المغرب تتفوق على العديد من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين، بالإضافة إلى جميع الدول الأفريقية والعربية، باستثناء البرازيل. كما تتساوى سمعة المغرب مع سمعة المجر والفلبين، مما يعكس تباينا في الآراء الدولية حول المملكة. في عام 2024، حققت سمعة المملكة نتائج إيجابية في بلدان مثل مصر وأستراليا والصين وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. ومع ذلك، شهدت انخفاضا ملحوظا في سمعتها في كل من إسرائيل وإسبانيا والجزائر، وللمفارقة، في تركيا، حيث تراجعت النقاط بشكل ملحوظ.
بين عامي 2023 و2024، شهدت سمعة المغرب تحسنا ملحوظا في بعض الدول الأفريقية، مثل جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا. كما ارتفعت سمعة المغرب بمقدار 3.6 نقطة في السويد و2.7 نقطة في الصين وكوريا الجنوبية والمكسيك وهولندا. ولكن في الوقت نفسه، سجلت المملكة تراجعا ملحوظا في كل من تركيا وإسرائيل، حيث فقدت 4.0 و8.7 نقطة على التوالي.
تستند السمعة المغربية إلى قيم “تطلعية” بدلا من القيم العقلانية، مما يتطلب تعزيز القيم التي تعزز الثقة والشفافية. ومن أبرز نقاط القوة في سمعة المغرب في مجموعة الدول السبع + روسيا هو “جودة الحياة” و”العامل البشري”، بينما تظل سمات “جودة نظام التعليم” بحاجة إلى تحسين. تشير المعطيات إلى أن شعب المغرب يُعتبر ودودا ولطيفا، وهو ما يسهم في تعزيز صورة المملكة. ومع ذلك، تواجه سمعة المغرب تحديات في مجالات “الأخلاقيات والمسؤولية” و”الجودة المؤسساتية”، خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان ومكافحة تغير المناخ.
إن تحسن المؤشرات الاقتصادية لا يكفي لتحسين الصورة العامة للدولة. ومن الضروري أن يبذل المغرب جهودا مستمرة لتعزيز سمعتها من خلال تحسين الأداء في المجالات المؤسساتية والاجتماعية. تظل سمعة المغرب في مرحلة حساسة تتطلب توجيه الاستراتيجيات السياسية والدبلوماسية لضمان تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والانطباعات العالمية.
على ضوء هذه المعطيات، يتضح أن المملكة المغربية أمامها تحديات كبيرة في سياق تعزيز سمعتها الدولية. يتطلب هذا الأمر تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدني، لتحقيق الأهداف التنموية وبناء صورة إيجابية تعكس الواقع الحقيقي للمملكة في مختلف المحافل الدولية.