Banner Post

كتاب ” هكذا تكلم محمد بنسعيد” 

د.ناصر السوسي

ليست قراءة ” مذكرات ” أو ” شهادة ” الأستاذ محمد بنسعيد آيت إيدر على التاريخ ممتعة فحسب بل إنها قراءة لعمل ذي قيمة سياسية و ثقافية و تاريخية و من مستوى رفيع جدا بالنظر إلى مكانة الرجل كقائد و قطب من أقطاب اليسار على المستويين الوطني العربي على السواء .

عمل يقلب من وجهة نظر كاتبه و بالاستناد إلى مرجعيته ” التحليلية الراديكالية ” جوانب مهمة من تاريخ الحماية الأجنبية ووقائع المغرب الراهن ..

تتضمن هذه “الشهادات ” فصلا عن كيفيات تنشئة جيل و صدف معانقته للدراسة و العمل النضالي و طرق خوضه لتجربة الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي ضمن خلايا المقاومة المغربية أو مواجهة الإسبان في صحرائنا المغربية بمعية مجايليه من رفاق دربه المنضوين تحت لواء جيش تحرير الجنوب …

دقائق و تفاصيل مثيرة جدا أتاحها لنا هذا العمل للاقتراب من شخصيات و للإطلالة على نضالية جيل بعينه و للوقوف مليا على مختلف المشاكل التي واجهته في سبيل الحرية و الانعتاق و الدفاع عن استقلال الوطن ووحدته الترابية ومنظوره الاستراتيجي لبناء مجتمع جديد ديموقراطي و مفتوح على المستقبل و معرقلات كل ذلك التي حددها محمد بنسعيد في ما نعته ب ” القوة الثالثة ” …

رفض محمد بنسعيد آيت إيدر كل سياسية ضيقة لذا حمل بشدة على المنظور العدمي اللاوطني في ممارسة النضال مثلما نبذ الرجل بحزم الأسلوب البلانكي الذي اعتمد خلال مرحلة تاريخية من لدن أطراف بعينها . هكذا نجده يوثر بمسؤولية و اقتناع الاختيار الديموقراطي العقلاني و الواقعي مبديا حوله انتقادات صميمية على مدار هاته ” المذكرات ” و صولا إلى تجربة التناوب ” التوافقي ” و مشكلة جريدة ” أنوال ” على إثر التطورات السياسية التي عرفها المشهد السياسي المغربي في أواسط العقد الأخير من القرن المنصرم و رغبته بعد انشقاق ” منظمة العمل الديموقراطي الشعبي ” في لملمة بعض فصائل اليسار الراديكالي بعيد انعقاد مؤتمر المنظمة بالمحمدية سنة 2000 …و الذي لعب فيه الأستاذ إبراهيم ياسين دورا معتبرا إلى حدود مؤتمر بوزنيقة سنة 2002…

بين ثنايا ” مذكرات ” محمد بنسعيد قضايا مثيرة باعثة بكل تأكيد على التساؤل و مثيرة للمزيد من إعمال النظر بالمقارنات الممكنة و هو نفسه يقول ، عن اقتناع ، أترك كثيرا من الأمور للبحث التاريخي المغربي ليوضح ما يمكن توضيحه …

اترك تعليقا