Banner Post

بركة الركراكي !

بوشامة النعمة

في سابقة تاريخية ونوعية استطاع مدرب المنتخب الوطني المغربي “وليد الركراكي” صنع ما يستحق أن نصفه ب”المعجزة”، حيث ما أن أعطيت له فرصة قيادة دفة تدريب المنتخب، حتى أبان عن جدارته ، بل إن ما يحسب للرجل هو حجم الفرح الكبير الذي أدخله على قلوب الملايين من أبناء الشعب المغربي وباقي الشعوب العربية والإسلامية والافريقية، أمام الكم الهائل من السوداوية والطاقات السلبية التي راكمتها سنوات من أزمات الصراع اليومي مع تحصيل المعيشة والخبز وصداع السياسة، نعم الرجل -وليد الركراكي- هدم عقودا من اليأس ومن ما يمكن ان نشبهه بفقدان الأمل في الكرة المغربية، ليثبت بالملموس بأن لا قنوط من رحمة الله وبان الناخب الوطني وابن الديار هو الوحيد القادر على خلق النصر وتحطيم جدار المستحيل، وذلك بحكم معطيات عديدة أولها حبه المتجذر للوطن واستعداده لبذل جميع التضحيات من اجل تبوؤ مكانة عالية ومرموقة، فما الذي يجب علينا أن نستخلصه من تجربة المنتخب الوطني المغربي ؟

إن أول درس يجب ان نتعلمه في تجربة المنتخب الوطني المغربي بقيادة مدربه “وليد الركراكي” هو أن اعطاء الفرصة للطاقات المحلية في جميع مجالات اختصاصها كفيل بتحقيق المعجزات، ذلك أن تجارب العالم أتبثت أن النهضة والتنوير تنطلق من داخل الاوطان ولا تستورد جاهزة من البلدان المتقدمة الأخرى.

كما أننا اليوم نتعلم ونتأكد بأن القيم الاخلاقية المشبعة بالمعنويات المرتفعة من قبيل الإرادة الصلبة والصدق في العمل وبناء الاجيال على ثقافة العمل والانتاج والعطاء هي السبيل نحو تحقيق مجتمع ناجح ومتقدم بل ومنتج ومفيد للبشرية.

والدرس الثالث والاخير الذي نلتقطه، هو أن الشعب المغربي شعب كريم ومعطاء وذو عقيدة دينية ومبادئ وخصال اجتماعية عالية، وذلك من خلال وقوفه الى جانب منتخبه وخاصة مدربه الحالي ، إذ آمن بقدراته وأهليته لانتزاع الفوز، ومن خلال مشاهد السجود لله اولا عند كل انتصار، والرقص في ميدان الملعب مع الأم وتقبيل رأس الوالد واحتضان الزوجة والابناء ورفع علم الشعب الفلسطيني، واهداء الاتعاب المادية للفوز من قبل بعض لاعبي المنتخب الوطني المغربي للجمعيات المدنية الخيرية بالمغرب وخاصة المشتغلة في علاج مرضى السرطان… كلها اشارات على نبل وسمو ورجولية أبناء الشعب المغربي.

في كلمة، ستبقى و-للتاريخ- تجربة صعود المنتخب الوطني المغربي للمربع الذهبي لكأس العالم من سنة 2022 ميلادية مليئة بالدروس والعبر، وستبقى محطة المدرب “وليد الركراكي” بمثابة -بركة- إيمانية ولدت من رحم العزيمة المقرونة بالجدارة والاستحقاق وحب الوطن، والقدرة على التعامل مع معطيات الميدان بالواقعية، وهي نفس الشروط التي باتت اليوم مطلوبة في بلادنا لإعادة تأهيل باقي القطاعات الأخرى.

ملاحظة: في إطار استشرافنا للقادم من الأيام نرجو من الله أن يوفق المنتخب الوطني المغربي بالظفر بالكأس لأنه بذلك سيكون قد أعطانا جميعا استغلال فرصة الاستثمار في طاقاتنا البشرية، وعلى أننا قادرين فعلا على اللحاق بركب الامم المتقدمة بالاعتماد فقط على تنمية قدراتنا الذاتية والمحلية.

اترك تعليقا