خلّدت الجمعية الوطنية للمكفوفين بالمغرب، يوم السبت 20 دجنبر 2025، اليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة، من خلال تنظيم فعاليات وطنية احتضنتها قاعة نادي المحامين بالرباط، وذلك بدعم ومشاركة من الجمعية المغربية لإدماج المكفوفين.

وشهدت هذه التظاهرة حضورا وازنا لممثلي عدد من القطاعات الحكومية، وهيئات منتخبة، ومؤسسات وطنية، إلى جانب فعاليات حقوقية وجمعوية، ومهتمين بقضايا الإعاقة، وممثلي وسائل الإعلام.
وشكّلت هذه المحطة مناسبة للتفكير الجماعي والنقاش المسؤول حول واقع الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، ولا سيما فئة المكفوفين، حيث تم تسليط الضوء على جملة من التحديات البنيوية التي ما تزال تعيق التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، رغم ما راكمته المملكة من مكتسبات دستورية وتشريعية، وما صادقت عليه من التزامات دولية في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأكدت مختلف المداخلات أن الإشكال لا يرتبط بغياب الإطار القانوني، بقدر ما يتجلى في ضعف تنزيل السياسات العمومية، واستمرار الفوارق المجالية، ومحدودية ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى مجالات حيوية، في مقدمتها الشغل، والتعليم، والصحة، والنقل، والحماية الاجتماعية.
![]()
وفي هذا السياق، عبّرت الجمعية الوطنية للمكفوفين بالمغرب عن قلقها بخصوص الاتفاقية الموقعة بين وزارة الأسرة والتضامن والإدماج الاجتماعي والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والقاضية بتخفيض بنسبة 50% لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، معتبرة أن هذا الإجراء لا يستجيب، بحسب تعبيرها، لمقتضيات المقاربة الحقوقية الشاملة، ولا يرقى إلى مستوى الالتزامات الدستورية والدولية للمغرب.
وسجلت الجمعية أن التعاطي مع قضايا الإعاقة بمنطق التخفيضات الجزئية، بدل ضمان الحقوق الكاملة وغير القابلة للتجزئة، يُكرس، حسب بيانها الختامي، مظاهر الإقصاء والتمييز، ويتعارض مع مبادئ الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تُحمّل الدولة مسؤولية ضمان الحق في النقل والتنقل دون تمييز.
وأكدت الجمعية في بيانها أن:
تخفيض 50% لا يشكل حلًا جذريًا لإشكالية الولوج إلى النقل؛
الحق في النقل يُعد حقًا أساسيًا يتعين على الدولة تحمّل كلفته؛
غياب تفاعل مؤسساتي جاد مع هذا المطلب يُعد إخلالًا بالمسؤولية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة.
وفي ختام أشغال هذه الفعاليات، جدّدت الجمعية الوطنية للمكفوفين بالمغرب التأكيد على جملة من مطالبها، من بينها:
الملاءمة التامة للمنظومة القانونية الوطنية مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديد آجال زمنية واضحة لتفعيل النصوص التنظيمية ذات الصلة، وإرساء نظام دعم اجتماعي مباشر ومستدام، والتفعيل الفعلي لنسب تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة، والتعجيل بإخراج بطاقة الإعاقة.
كما دعت إلى تمكين الطلبة في وضعية إعاقة من المنح الجامعية دون شروط إقصائية، وإقرار المجانية الكاملة للنقل العمومي، وتفعيل البرنامج الوطني للتربية الدامجة، وضمان المساواة بين النساء والرجال في وضعية إعاقة في الولوج إلى فرص الشغل، مع إيلاء عناية خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة بالعالم القروي.
وأعلنت الجمعية، في حال استمرار ما وصفته بحالة التجاهل، احتفاظها بحقها المشروع في خوض أشكال نضالية سلمية، دفاعًا عن مطالب تعتبرها مشروعة وغير قابلة للتسويف.
وفي الختام، ثمّنت الجمعية دعم الجمعية المغربية لإدماج المكفوفين، وأشادت بمساهمة مختلف المتدخلين في إنجاح هذه المحطة الترافعية، مؤكدة أن كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة لا تختزل في إجراءات جزئية، وأن الحقوق تُكرس في إطار دولة الحق والقانون.


