Top

التغير المناخي يعيد تشكيل المشهد الفلاحي والاجتماعي بالمغرب

تقرير جديد للمعهد المغربي لتحليل السياسات يكشف معطيات مقلقة وآفاق مستقبلية

أصدر المعهد المغربي لتحليل السياسات تقريره الجديد حول المؤشر الأخضر – الموجة الأولى 2025، الذي يرصد تصورات المغاربة للتغير المناخي والسياسات البيئية الوطنية. ويأتي التقرير في سياق استثنائي يعيشه المغرب، حيث يدخل عامه السابع من الجفاف وسط تداعيات خطيرة على الفلاحة والاقتصاد والمجتمع.

جفاف غير مسبوق وارتفاع في درجات الحرارة

أوضح التقرير أن معدلات التساقطات المطرية لسنة 2024 – 2025 سجلت انخفاضا بنسبة 60% مقارنة بالمعدل المعتاد، مما انعكس على تراجع إنتاج الحبوب بحوالي 27%. كما تراجعت نسبة ملء السدود إلى حدود 33% فقط، في حين وُصفت سنة 2024 بأنها “الأكثر حرارة والأكثر جفافا في تاريخ المغرب”، بعد تسجيل معدل قياسي بلغ 50.4 درجة مئوية في أكادير.

ورغم الجفاف، عرف المغرب فيضانات مفاجئة في شتنبر 2024 بالمناطق الجنوبية الشرقية، تسببت في خسائر بشرية ومادية جسيمة. كما أسهمت الأزمة المناخية في تراجع القطيع الوطني بنسبة 38% منذ 2016، وهو ما أدى إلى تعليق شعيرة عيد الأضحى لسنة 2025 لأول مرة في تاريخ البلاد.

المغرب فاعل إقليمي في الطاقات المتجددة

ورغم هذه التحديات، يبرز التقرير مكانة المغرب كأحد أبرز الفاعلين الإقليميين في مجال الطاقات المتجددة والدبلوماسية المناخية، عبر اعتماد سياسات وأطر تنظيمية مهمة منذ توقيع اتفاقية ريو 1995، منها:

السياسة المناخية الوطنية (2014)

الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030

الخطة المناخية الوطنية 2020 – 2030 (2019)

كما احتضن المغرب مؤتمر الأطراف COP22 بمراكش سنة 2016، وصادق على اتفاق باريس للمناخ سنة 2016، ملتزما بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45.5% بحلول 2030.

الفجوة بين السياسات والمشاركة المدنية

ورغم هذه الإنجازات، أشار التقرير إلى أن المشاركة المدنية والوعي العمومي بالقضايا البيئية لا يزالان دون المستوى المطلوب، ما يضعف فعالية التنفيذ. وأكد المعهد أن تعزيز انخراط المواطنين يعد شرطا أساسيا لنجاح السياسات المناخية، من خلال حملات توعوية واستراتيجيات تواصلية تشجع على العمل الجماعي.

معطيات الاستطلاع الميداني

اعتمد التقرير على عينة ممثلة تضم 1,015 شخصا، جُمعت بياناتهم بين ماي وغشت 2025 عبر مقابلات هاتفية مهيكلة. وأظهرت أبرز النتائج:

توازن النوع الاجتماعي: 50% ذكور، 50% إناث

التوزيع العمري: 32% بين 18 و29 سنة، و9% فوق 60 سنة

التوزيع الجغرافي: 21% من جهة الدار البيضاء – سطات، 16% من مراكش – آسفي، و7% من الجهات الجنوبية

المستوى التعليمي: 17% لم يتابعوا الدراسة، و37% بلغوا التعليم الإعدادي أو الثانوي

الوضع المهني: 38% يشتغلون لحسابهم الخاص، 22% ربات/أرباب بيوت، و9% طلبة

الدخل الشهري: 41% يقل دخلهم عن 3.000 درهم، مقابل 4% فقط يتجاوز دخلهم 8.000 درهم

المؤتمر الصحفي لمؤشر 2025

كما نظّم المعهد المغربي لتحليل السياسات اليوم الأربعاء 24 شتنبر 2025 على الساعة 16:30 بفندق Fairmont La Marina Rabat بالرباط، مؤتمرا صحفيا لتقديم نتائج المؤشر الأخضر حول وعي وتصورات المواطنات والمواطنين المغاربة بشأن التغير المناخي والبيئة. وقد شهد المؤتمر حضورا واسعا من خبراء وإعلاميين ومهتمين بالبيئة، حيث تم عرض أهم نتائج التقرير والإجابة على تساؤلات الحاضرين حول السياسات المناخية وتأثيرها على المجتمع والفلاحة.

إلى ذلك، خلص التقرير إلى أن المغرب يقف اليوم أمام مفترق طرق: بين التحديات المناخية القاسية التي تضرب استقراره الفلاحي والاجتماعي، وبين الفرص المتاحة لتعزيز ريادته في الطاقات النظيفة. ويبقى الرهان الأساسي هو سد الفجوة بين السياسات الرسمية والانخراط المجتمعي، لضمان مواجهة فعّالة ومستدامة لآثار التغير المناخي.

اترك تعليقا