تشهد غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة كلميم وادنون تطورات متسارعة منذ إعلان أربعة أعضاء استقالاتهم من لجان مختلفة داخل المؤسسة، مما أعاد فتح النقاش حول طريقة التسيير، وحدود التشاركية، والممارسات التدبيرية المعتمدة في الغرفة.
الاستقالات جاءت من طرف السادة: محمد الأمين حنانة (رئيس لجنة المالية والبرمجة)، النعمة جداد (نائب أمين المال)، خالد وطاش (عضو لجنة المنازعات)، وإبراهيم أوزدو (عضو اللجنة الاقتصادية). وقد أرجع المستقيلون دوافعهم إلى ما وصفوه بـ”تغييب التشاركية، وانعدام الشفافية، واستفراد الرئيس بالقرارات”، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تُتبع بشكايات رسمية لمؤسسات الرقابة.
ردود مقتضبة تُثير الاستغراب
في إطار حرصها على الاستماع لجميع الأطراف، حاولت “نقطة بريس” التواصل المباشر مع المستقيلين لإجراء حوار موسّع حول خلفيات قرارهم. لكن بعض الأعضاء اكتفوا بالرد عبر تطبيق “واتساب”، وأجابوا على الأسئلة بصيغة مختصرة جدًّا، أحيانًا بـ”نعم” أو “لا”، دون تقديم وثائق داعمة أو توضيحات مفصلة.
هذا النمط من التفاعل يطرح سؤالا مشروعا: إذا كان صحفي لا يبحث إلا عن الحقيقة يواجه صعوبة في الوصول إلى المعلومة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة لحرفي مهني إن كانت له غاية أو مصلحة؟
بالمقابل..لقاء مفتوح مع الأغلبية
في المقابل، أبدى أحد أعضاء المكتب، المحسوب على الأغلبية، انفتاحا تامّا، واستقبل فريق “نقطة بريس” لأكثر من ساعتين ونصف، وقدم معطيات موثقة، ووثائق رسمية، وأجوبة تفصيلية شملت مختلف محاور الجدل.
وأكد أن الاستقالات لم تمس البنية الأساسية للمكتب المسير، حيث لا يزال يحتفظ بـ8 أعضاء من أصل 9، مشيرا إلى أن ما جرى مجرد انسحاب من اللجان التقنية، باستثناء حالة واحدة.
صفقة الـ34 مليون سنتيم…خطأ في القراءة؟
بحسب معطيات المكتب، فإن جزءا من التوتر الحالي ناتج عن “سوء فهم” يتعلق بصفقة الملتقى الجهوي الأول لريادة الأعمال، والتي خصص لها مبلغ 34 مليون سنتيم، غير أن بعض الأعضاء ـ حسب المصدر ذاته ـ اعتقدوا خطأ أن المبلغ هو 340 مليون سنتيم، ما أسال الكثير من اللعاب، ودفع بعضهم إلى اتخاذ مواقف تصعيدية “غير محسوبة”، وفق تعبير المتحدث.

ويُلاحظ أن عضوين من الفريق المستقيل ما يزالان يحتفظان برئاسة لجن داخل الغرفة، رغم تقديم زملائهما لاستقالاتهم، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى التنسيق والتماسك داخل هذا التكتل المعارض.
أزمة تسيير أم معارضة مزمنة؟
المستقيلون يؤكدون أن الوضع داخل الغرفة يمثل “أزمة تسيير حقيقية”، ناتجة عن غياب التشاركية، وتهميش دور اللجان، واستفراد الرئيس بالقرارات المصيرية.
في المقابل، يرى الطرف الآخر أن أغلب المنسحبين كانوا ضمن المعارضة منذ بداية الولاية، وأنهم لم يقدموا طيلة السنوات الماضية أي تقارير أو مشاريع داخل اللجان التي ينتمون إليها، بل إن اللجنة الاقتصادية، التي تترأسها المعارضة، اجتمعت فقط أربع مرات منذ سنة 2022 ـ وليس بطلب منها ـ دون أن تقترح أي مشروع أو تصور، رغم ما يتيحه لها النظام الداخلي من صلاحيات ومجال للاشتغال.

صفقة المواكبة التقنية: جدل مستمر
أثارت صفقة بقيمة 2.120.000 درهم تخص المواكبة التقنية، جدلا جديدا، حيث يراها المستقيلون غامضة وغير شفافة. لكن عضو المكتب أوضح أن الصفقة صودق عليها بالإجماع سنة 2023، قبل اعتماد نظام المنصة الرقمية (Platform)، وأنها استوفت شروط المصادقة، مضيفًا أن الهدف منها كان تنظيم دورات تكوينية والتعريف بالجهة، ولم تسجل بشأنها أي اعتراضات في حينها.
بين ليّ الذراع ومشاريع على الأبواب
يرى المستقيلون أن استقالاتهم تُعد صرخة تنبيه لضرورة الإصلاح، ومقدمة لتحريك الرأي العام من أجل فتح تحقيق في تدبير ميزانيات الغرفة، خصوصا ما وصفوه بـ”الخصاص المهول في المستلزمات والوسائل”.
في المقابل، يعتبر المتحدث بإسم الأغلبية أن الاستقالات مجرد “محاولة ليّ ذراع متأخرة”، قبيل تنفيذ مشاريع مهمة لفائدة إقليم الطانطان، منها مشروع سوق نموذجي بشراكة مع المجلس الجماعي، وقصر المؤتمرات بشراكة مع الجهة وعمالة الإقليم.
الرأي العام بين الانتظار والتدقيق
الواضح من خلال هذا الملف أن غرفة التجارة بكلميم وادنون أمام منعطف حساس، بين من يرى أن التسيير الحالي لم يعد يستجيب لتطلعات المهنيين، ومن يعتبر أن المعارضة تعاني من “أزمة مشروع أكثر منها أزمة تواصل”.
وفي انتظار تحرّك الجهات الوصية للتدقيق في المعطيات، يبقى السؤال مطروحا: هل تعيش الغرفة أزمة تدبير حقيقية، أم أن ما يجري لا يعدو كونه معركة مواقع ستتصاعد مع اقتراب نهاية الولاية؟
نقطة بريس

