Banner Post

مغاربة أمريكا بين نار التذاكر ولهيب السماسرة..والحنين إلى الوطن لا يكفي

حمادي سركوح

من أمريكا إلى المغرب، ليس الطريق دائما مفروشا بالورود أمام أفراد الجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة. فبين الرغبة في صلة الرحم وزيارة الوطن، وبين حلم امتلاك سكن يؤمن لهم جَذْرًا في الأرض الأم، تعترضهم صعوبات متكررة ومتشابهة، في مقدمتها غلاء أسعار تذاكر الخطوط الملكية المغربية (لارام)، واستفحال ظاهرة “السماسرة” الذين يعكرون صفو عمليات اقتناء السكن المدعّم.

يقول أحد أفراد الجالية في شهادته لنقطة بريس: “أسعار تذاكر لارام باهظة جدا، خصوصا في فترات الذروة كالصيف والعطل، حيث يتجاوز ثمن التذكرة ذهابا وإيابا 1400 دولار، بينما تضطر العائلات لدفع ما يفوق 5000 دولار، أي ما يزيد عن 45 ألف درهم”.

هذا الغلاء يمس الجيب ويقطع صلة الرحم. فقد أكدت عدة شهادات أن هناك عائلات مغربية لم تتمكن من زيارة وطنها لأكثر من عشر سنوات بسبب ارتفاع تكلفة السفر، رغم محاولاتهم المتكررة تنظيم رحلات جماعية أو الاعتماد على شركات بديلة أقل تكلفة.

الغضب الشعبي أيضا كان قد ظهر جليًا عبر حملة “مايمكنش” التي أطلقها مغاربة أمريكا في يناير 2024، للمطالبة بخفض أسعار التذاكر، معتبرين أن “لارام” تحتكر السوق بين أمريكا والمغرب، دون مراعاة للقدرة الشرائية للجالية.

في المقابل، تبرر الشركة الوطنية تسعيرتها بأنها في “مستوى المنافسة”، رغم أن شركات مثل “United Airlines” دشنت في أكتوبر 2024 خطا مباشرا بين نيويورك ومراكش بأسعار تنافسية أقل، مما يطرح علامات استفهام حول شفافية التسعير وغياب إرادة سياسية لتسهيل ولوج الجالية لبلدها الأم.

المشكلة لدى مغاربتنا بأمريكا لا تقف في السماء، بل تمتد إلى الأرض، إذ حين يفكر أفراد الجالية في شراء سكن بالمغرب. برنامج “الدعم المباشر للسكن” الذي أطلقته الدولة سنة 2024 يبدو حبرا على ورق بالنسبة لكثير من المغتربين.

تحدث لنا أحدهم قائلا: “من يرغب في اقتناء سكن يصطدم بشبكة من السماسرة والوسطاء غير القانونيين، وغياب شبه تام للمراقبة، مما يخلق جوا من الغموض وفقدان الثقة. المغترب لا يملك حماية قانونية كافية، وعقود البيع في الوداديات السكنية مثلا قد تستغرق أكثر من عشر سنوات دون تسوية، كما في حالة وداديات كلميم”.

الأخطر أن عمليات النصب والاحتيال باتت متكررة، خاصة في مشاريع الفيلات والتجزئات العقارية غير المُحفظة أو المتنازع حولها. الجالية باتت تخاف من الدخول في مغامرات محفوفة بالمخاطر، مع غياب ضمانات قانونية واضحة تحمي حقوقهم.

تتراوح الجالية بين المطرقة والسندان: مطرقة غلاء السفر التي تحرمهم من صلة الرحم، وسندان واقع عقاري فوضوي يدفعهم للتراجع عن الاستثمار في بلدهم. كل هذا في ظل غياب تدخل حاسم من الجهات المعنية، ما يضع علامات استفهام حول جدية السياسات الوطنية في احتضان شريحة ساهمت وما تزال في ضخ العملة الصعبة وإنعاش الاقتصاد الوطني.

إلى ذلك، تظل الحاجة ملحة إلى تدخل عاجل من الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة النقل واللوجستيك والخطوط الملكية المغربية، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، قصد إقرار آليات عادلة تضمن تسعيرة منصفة للجالية، وشفافية أكبر في برامج الدعم السكني، ومراقبة صارمة للوسطاء والمضاربين العقاريين، بما يعيد الثقة ويصون حق المغترب المغربي في التواصل والاستثمار داخل وطنه.

اترك تعليقا