Top

نيجيريا..عملاق إفريقي يتحدى التناقضات

الفصل السابع

على مدى شهور، ظل فريق الرحلة الخضراء يشق طريقه عبر القارة الإفريقية، حاملا رسالة الأمل والاستدامة. ومن بين البلدان التسعة التي عبرها الفريق حتى الآن، بدت نيجيريا، البلد الأكبر سكانا في إفريقيا، محطة مميزة، حيث تلاقت فيها التناقضات الصارخة مع التحديات الكبرى.

وصول الفريق إلى نيجيريا كان بمثابة دخول إلى عالم جديد. هنا، كل شيء يبدو أكبر: المدن الضخمة التي تعج بالحياة، مثل لاغوس المكتظة بأكثر من 20 مليون نسمة، حيث تتجاور ناطحات السحاب الحديثة مع أحياء عشوائية تشهد على صراع الإنسان اليومي. الشوارع تضج بالحركة، والسيارات تتدفق كأنهار بشرية لا تهدأ، بينما على الأطراف، تمتد مساحات طبيعية هادئة تحمل سكون الأرض البكر وروحها.

رغم صخبها، تبرز نيجيريا كقوة اقتصادية صاعدة بفضل مواردها الطبيعية الهائلة. لكنها تواجه تحديات جسيمة، من أبرزها توفير مياه الشرب والكهرباء لسكانها البالغ عددهم 230 مليون نسمة، والذين يُتوقع أن يصل عددهم إلى 377 مليون نسمة بحلول عام 2050.

عيد ميلاد في قلب إفريقيا: دفء العائلة وسط التحديات

بمصادفة غير متوقعة، وجد الفريق نفسه يحتفل بعيد الميلاد في مدينة صغيرة قرب الحدود النيجيرية الكاميرونية. لم تكن الأجواء تحمل المظاهر الاحتفالية المعتادة، لكنها حملت شعورا عميقا بالرضا والإنجاز. تمكن الفريق من قيادة سياراتهم الصغيرة Citroën Ami، التي تعمل بالطاقة المتجددة، متحدين صعوبات الطريق.

لحظة إنسانية بارزة شهدها الفريق مع انضمام ساشا، ابن قائد الفريق إريك فيغورو، مكان أليكس، الذي غادر منتصف دجنبر. ساشا، البالغ من العمر 21 عاما، يخوض أول تجربة له في إفريقيا، مما أضفى بعدا عاطفيا على المغامرة. هذه الروح العائلية الدافئة كانت المحرك الخفي الذي دفع الفريق للأمام، مجسدا قيم التوارث والمشاركة.

يروي إريك كيف شكك البعض في قدرة الفريق على تجاوز المغرب، لكنهم الآن في قلب إفريقيا، متقدمين نحو الكاميرون والغابون، محققين إنجازا غير مسبوق.

العبور إلى الكاميرون: اختبار للثقة والإصرار

في صباح يوم 25 دجنبر، وصل الفريق إلى الحدود بين نيجيريا والكاميرون، منطقة تشتهر بكونها بؤرة صراع خطيرة. القلق كان سيد الموقف، لكن المفاجأة جاءت على هيئة شرطي كاميروني رحب بهم بحفاوة وأكد أن الأمور تسير بأمان.

فكان عليهم انتظار الحماية العسكرية لعبور منطقة صراع تمتد لمسافة 200 كيلومتر. لم يطل الانتظار حتى وصلت ثلاث عربات مدرعة وعشرون جنديا لحمايتهم، بأوامر من أعلى السلطات الكاميرونية.

كان التحدي مزدوجا: أمنيا وتقنيا. قبل الانطلاق، شحن الفريق سياراتهم بالطاقة الشمسية بالكامل، ما جعل الرحلة أشبه بعملية جراحية دقيقة، حيث كل واط من الطاقة محسوب بعناية. وسط الطريق، كان الخوف من الأعطال أو أي تهديد أمني دائم الحضور، لكن روح الفريق القتالية وإيمانهم بالتكنولوجيا المستدامة دفعهم للتغلب على هذه العقبات.

نحو الغابون: فصل جديد من الأمل

مع العبور الآمن إلى الكاميرون، يواصل فريق الرحلة الخضراء طريقه نحو الغابون. في كل خطوة، يترك الفريق بصمة من الأمل، مؤكدا أن التكنولوجيا الصديقة للبيئة يمكن أن تكون جسرا نحو مستقبل مستدام وآمن.

نيجيريا كانت محطة مليئة بالصخب والتحديات، لكنها منحت الفريق فرصة لإظهار تصميمهم وإثبات أن روح المغامرة والعمل الجماعي قادرة على تجاوز أصعب العوائق. وبين صخب المدن النيجيرية وهدوء الطبيعة التي تنتظرهم في الغابون، تستمر الرحلة شاهدة على قوة الإرادة الإنسانية.

فهل يمكن لهذه المغامرة أن تُلهم جيلا جديدا من المبدعين؟

 

اترك تعليقا