مع كل ميل تقطعه القافلة، تتحول الرحلة إلى سيمفونية تجمع بين الطبيعة والحلم. بعد مغادرتهم غينيا كوناكري التي تركت بصمة لا تُنسى بجمالها الأخاذ وكرم أهلها، حطت “الرحلة الخضراء” رحالها في ساحل العاج. هنا تغيرت الوتيرة، وأصبح الإيقاع أسرع، لكن القلب ظل يخفق بالشغف ذاته.
الطريق إلى الطاقة الخضراء
كانت المحطة الأولى عند منشأة كوسو الهيدروكهربائية، حيث بدت الطبيعة شريك حقيقي في الرحلة. وسط أصوات المياه المتدفقة، وكأنها تهمس بقصص الأرض، وقف الفريق بين عمال المحطة يتبادلون الابتسامات والقصص والتجارب. هناك، شُحنت السيارات الكهربائية من جديد، وكأنها تستمد الحياة من قلب الطبيعة نفسها. كانت تلك اللحظة شاهدة على الالتقاء بين التكنولوجيا والطبيعة في تناغم مثالي.
أبيدجان..نبض المدينة وحديث الشباب
ما إن وصلت القافلة إلى أبيدجان حتى شعرت بدفء استقبالها. المدينة، بنبضها الحيوي، حملت معهم لحظات لا تُنسى:
في فعالية نظمتها AUTO 24، اجتمع الفريق مع دبلوماسيين وخبراء محليين في مجال النقل المستدام. وسط أجواء مليئة بالتقدير والاحتفاء، تأكدت أهمية الرحلة كرمز للطاقة النظيفة والتعاون العابر للحدود.
أما في الثانوية التقنية بأبيدجان، كان اللقاء مختلفا. أعين الطلاب اللامعة، وهم يستمعون لقصص الرحلة، عكست شغفا طموحا بالمستقبل. ارتداؤهم قمصانا تحمل شعار الرحلة، في مبادرة رائعة تعكس التضامن، كان لحظة إنسانية مؤثرة تركت أثرا كبيرا في نفوس الفريق.
وجوه جديدة تنضم.. وأخرى تبقى في الذكرى
الرحلة، كعادتها، كانت مليئة بالوداع والبدايات الجديدة. في داكار، ودّع الفريق كمال الذي عاد إلى المغرب لأسباب شخصية، تاركا مكانه للشاب السنغالي “سيادو”، ميكانيكي يبلغ من العمر 23 عاما، ليقود السيارة الصغيرة سيتروين #3 AMI.
في هذا الفصل، انضم أيضًا المغامر ديفيد بروشل، الذي سبق له أن تسلّق أعلى بركان نشط في العالم بمركبة كهربائية. بروحه المغامرة وشغفه بالمستقبل المستدام، أضاف طاقة جديدة للرحلة، مؤكدا أن الحلم الأخضر لا حدود له.
ليلة على مشارف غانا
بينما أضاء المخيم ظلام الغابة القريبة تحت سماء ساحل العاج، جلس الفريق يخطط لخطوتهم المقبلة. غانا، الوجهة القادمة، كانت محور النقاش الحماسي، بينما تداعب نسمات الرياح الليلية وجوههم برفق، حاملة معها عبق الطبيعة وصدى ذكريات ساحل العاج التي ستظل محفورة في القلوب.
ومع كل محطة، تتضح الرسالة: أن نحلم بعالم أخضر، أن نبني جسورا بين الشعوب، وأن نعيش بتناغم مع الأرض. “الرحلة الخضراء” هي دعوة صريحة للجميع لإعادة التفكير في علاقتنا مع الكوكب، والبحث عن مستقبل أكثر استدامة وإنسانية.