لقد مرت “ثانوية 11 يناير” في الطانطان بمراحل متقلبة منذ تأسيسها، حيث كانت تُعرف في البداية باسم “مدرسة المسيرة الخضراء”، ثم تحولت إلى “مدرسة الشريف الإدريسي”. وبعد توقف نشاطها منذ عام 2017، عقد السكان آمالا كبيرة على عودتها لخدمة أبنائهم. وفي عام 2023، تجددت هذه الآمال مع بدء الأشغال لتأهيل المرافق الإدارية والسكن الوظيفي والمراحيض ومرافق التربية البدنية. إلا أن هذه الجهود سرعان ما تعثرت، مما أعاق عودة الحياة الطبيعية للمؤسسة.
افتتحت المؤسسة أبوابها للتلاميذ في بداية العام الدراسي 2023 تحت اسم “إعدادية الشريف الإدريسي”، ليتم تغيير اسمها مجددا في مارس 2023 إلى “الثانوية الإعدادية 11 يناير”. إلا أن هذه التسميات المتغيرة لم تُسهم في تحسين واقع المؤسسة، فقد توقفت الأشغال في مرافق حيوية، مما ترك المباني غير مكتملة ومخلفات البناء متراكمة، لتصبح تهديدا مباشرا على سلامة التلاميذ.
استمرار تعثر الأشغال في الإدارة والسكن الوظيفي والمراحيض ومرافق التربية البدنية لم يخلق بيئة غير صحية وخطرة فحسب، بل حرم التلاميذ من ممارسة أنشطتهم الرياضية بشكل طبيعي، ليضيف بذلك تحديات جديدة إلى معاناتهم. فكيف يُعقل افتتاح مؤسسة تعليمية حديثة قبل اكتمال تجهيزاتها الأساسية، ليجد التلاميذ والإداريون أنفسهم محاصرين بين مبانٍ غير مكتملة ومكاتب ضيقة تفتقر لأبسط شروط العمل؟
تُثار هنا تساؤلات جادة حول تأخر الجهات المعنية في إتمام هذه الأشغال، ما يُعيق العملية التعليمية ويعرّض سلامة التلاميذ للخطر. إن ما يحدث في “ثانوية 11 يناير” ليس مجرد خلل تقني، بل انعكاس لعجز في الإدارة والتخطيط. إلى متى سيظل المسؤولون متجاهلين لدورهم في إنقاذ هذه المؤسسة وتأمين حق أبنائها في بيئة تعليمية آمنة وسليمة؟
لقد اعتمدت الوزارة الوصية على قطاع التعليم شعار “من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع” للدخول المدرسي 2024-2025، والذي يعكس تطلعا نحو تحقيق جودة شاملة. هذا الشعار يعبر عن رؤية نحو تكامل الجودة في مختلف جوانب التعليم، من خلال تحسين آليات التسيير والتدبير، وتكريس مفهوم جديد للمسؤولية التربوية، وتعزيز العلاقات التربوية والبداغوجية التي تربط مختلف مكونات التعليم، إضافة إلى جعل الفضاءات التعليمية أكثر جذبا وأمانا.
ولكن، كيف يمكن تحقيق هذا الشعار مع مؤسسات تعليمية تعاني من نقص في أبسط المقومات الأساسية؟ إننا ندعو الوزارة إلى ترجمة الشعار إلى أفعال ملموسة، وإتمام أشغال ثانوية 11 يناير لتكون نموذجا حقيقيا لجودة التعليم العمومي، بما يعيد الثقة ويخدم التلاميذ الذين يستحقون بيئة تليق بتطلعاتهم وطموحاتهم.