تشهد العلاقات الجزائرية المالية تصعيداً ملحوظاً بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها سلطات الجزائر مؤخراً ضد اللاجئين الطوارق الماليين المقيمين على أراضيها، ما زاد من حدة التوتر القائم بين البلدين الجارين. وفي حين تلتزم السفارة الجزائرية في باماكو الصمت إزاء هذه التطورات، أفادت مصادر بأن الخلاف بين الجزائر ومالي أصبح محط أنظار المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
وتناقلت وسائل الإعلام تقارير تفيد باندلاع موجة جديدة من الاتهامات المتبادلة بين مسؤولي البلدين في المحافل الدولية، حيث رد وزير الخارجية الجزائري خلال خطابه في الأمم المتحدة على اتهامات مالية بشأن دعم الجماعات المسلحة.
وكشفت إذاعة فرنسا الدولية (RFI) أن آلاف اللاجئين الطوارق، بمن فيهم النساء والأطفال، اضطروا لعبور الحدود بين الجزائر ومالي سيراً على الأقدام، وسط أوضاع إنسانية متدهورة، وهم يحملون فقط ممتلكاتهم الشخصية. وجاء ذلك بعد إنذار من السلطات الجزائرية، هددت فيه بحرق ممتلكاتهم في حال عدم مغادرتهم للمنطقة الحدودية في تنزاوتين، حيث كانوا قد لجأوا سابقاً بحثاً عن الأمان.
وترجع جذور هذا التوتر إلى النزاع المسلح في مالي عام 2012، حيث سعت جماعات الطوارق إلى إعلان استقلال مؤقت لإقليم أزواد، لكن إعلانهم قوبل بالرفض دولياً وتسبب في تصاعد النزاع في المنطقة. ورغم توقيع اتفاق سلام برعاية الجزائر في عام 2015، يهدف إلى منح الطوارق بعض الحقوق، إلا أن الوضع ازداد سوءاً بعد انقلاب مالي العسكري عام 2020، الذي قلب موازين السياسة الداخلية للبلاد وأعاد إحياء التوترات الإقليمية.
وتفاقمت الأزمة في أوائل عام 2024، عندما أعلنت الحكومة المالية رسمياً انسحابها من اتفاق السلام، متهمة الجزائر بدعم الحركات المعارضة، ما زاد من توتر العلاقات بين الطرفين وأدى إلى هذه الإجراءات الصارمة بحق اللاجئين الطوارق.
تظل المنطقة تعيش على وقع هذه التوترات في ظل غياب جهود دبلوماسية فعالة لتهدئة الأوضاع، ما يثير قلقاً متزايداً حول استقرار الحدود بين الجزائر ومالي ومستقبل اللاجئين الطوارق في خضم هذه الأزمة المتصاعدة.