القانون 43.22 يمهد لمرحلة جديدة من العقوبات غير السالبة للحرية بالمغرب
انطلقت صباح اليوم الأربعاء 7 ماي 2025، بفندق كونراد الهرهورة، أشغال اليومين الدراسيين حول “العقوبات البديلة”، والمنظم من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، وبتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
ويأتي هذا اللقاء العلمي في إطار التحضير لتفعيل مقتضيات القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، المرتقب دخوله حيز التنفيذ ابتداءً من غشت المقبل، والذي يهدف إلى إرساء سياسة عقابية أكثر نجاعة ومرونة، ترتكز على إعادة الإدماج وتقليص اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية، خصوصًا قصيرة المدة.
وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، أكد السيد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن هذا القانون يمثل تحولا جوهريا في السياسة الجنائية الوطنية، ويجسد تنزيلا فعليا للتوجيهات الملكية السامية، لاسيما ما ورد في خطاب العرش بتاريخ 20 غشت 2009، الداعي إلى تطوير البدائل القضائية وتعزيز مسارات الإصلاح وإعادة الإدماج.
وثمّن السيد الداكي التعاون البنّاء مع مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي، منوّهًا بمساهمة الخبراء الدوليين الحاضرين من رومانيا وبلجيكا وإسبانيا، لما سيضفيه تبادل الخبرات من قيمة مضافة على هذا الورش الوطني. كما عبّر عن امتنانه لكل من السيد وزير العدل، والسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والسيد المندوب العام لإدارة السجون، على جهودهم في إخراج هذا النص القانوني إلى حيّز الوجود.
ويُتيح القانون الجديد للقضاء إمكانية استبدال العقوبات الحبسية في الجنح التي لا تتجاوز خمس سنوات بأربعة أصناف من العقوبات البديلة، هي:
1. العمل للمنفعة العامة بشراكة مع المؤسسات العمومية أو الجماعات الترابية.
2. المراقبة الإلكترونية، باستخدام سوار تعقب رقمي.
3. تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية أو تأهيلية.
4. الغرامة اليومية.
وأوضح رئيس النيابة العامة أن هذه البدائل تندرج ضمن منظور إصلاحي متقدم، يهدف إلى تقليص الآثار السلبية للسجن قصير المدة، وتخفيف الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، مع المحافظة على الأمن المجتمعي وحماية الضحايا.
وأكد السيد الداكي أن النيابة العامة ستضطلع بدور محوري في تنفيذ مقتضيات هذا القانون، من خلال تقديم الملتمسات المناسبة لاستبدال العقوبات، والتنسيق مع قضاة تطبيق العقوبات والمندوبية العامة لإدارة السجون، فضلًا عن إصدار دليل عملي خاص بالعقوبات البديلة، وتنظيم دورات تكوينية لتأهيل القضاة والفاعلين المعنيين.
واختتم رئيس النيابة العامة كلمته بدعوة المشاركين إلى تقديم مقترحات عملية تساهم في إنجاح هذا الورش الإصلاحي، معربًا عن ثقته في أن التوصيات الصادرة عن هذا اللقاء ستشكل “إضافة نوعية” في مسار تعزيز العدالة الإصلاحية، بما ينسجم مع مقتضيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة.
يُشار إلى أن أشغال اليومين الدراسيين ستتواصل يوم غد الخميس، بمشاركة مسؤولين قضائيين وخبراء وطنيين ودوليين، في أفق بلورة تصور مشترك لتنزيل القانون 43.22 بشكل فعّال وواقعي.