في إطار تحديث الإدارة وتعزيز الخدمات الرقمية، أعلنت وزارة الداخلية عن إطلاق طلب عروض دولي يهم رقمنة أرشيف الحالة المدنية في عشر جهات من المملكة، من بينها الجهات الجنوبية الثلاث: كلميم وادنون، العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب.
المشروع، الذي خصص له غلاف مالي يناهز 194 مليون درهم، يهدف إلى رقمنة أزيد من 38 مليون وثيقة حالة مدنية، عبر عملية تقنية دقيقة تشمل المسح الضوئي، الفهرسة، الإدخال اليدوي، والمطابقة مع الوثائق الورقية الأصلية، مع احترام صارم لمعايير الجودة والدقة.
وقد نالت الجهات الجنوبية الثلاث نصيبها ضمن الدفعة الثالثة من المشروع، التي رُصد لها غلاف مالي يُقدّر بـ 34 مليون درهم، ، إلى جانب جهة سوس ماسة. وسيتولى المتعهدون الفائزون بالصفقة تنفيذ العمليات الميدانية في المكاتب الجماعية للحالة المدنية المنتشرة في تراب هذه الأقاليم.
يُنتظر من هذا المشروع أن يُحدث تحولا نوعيا في طريقة ولوج المواطنات والمواطنين إلى الوثائق الإدارية، خاصة في المناطق النائية والمعزولة التي كانت تعاني لسنوات من بطء الإجراءات وتعقيد المساطر الورقية. وبفضل الرقمنة، ستُختصر المدة الزمنية لاستخراج الوثائق من أيام أو أسابيع إلى دقائق معدودة، مما يعزز العدالة المجالية ويُقرّب الخدمة من المواطن أينما كان.
هذا الورش الرقمي الوطني، المندرج ضمن استراتيجية التحول الرقمي للمرفق العمومي، يحمل بعدًا مواطناتيا وتنمويا واضحا. فهو يؤسس لمرحلة جديدة من العلاقة بين الإدارة والمواطن، تقوم على الشفافية، الفعالية، وسرعة التجاوب، ويُعد خطوة عملية نحو تحقيق مغرب رقمي متكامل الخدمات.
غير أن نجاح هذا المشروع يبقى رهينا بمواجهة التحديات المرتبطة بأمن المعطيات الرقمية. ففي ظل تزايد التهديدات السيبرانية، يُصبح من الضروري تبني معايير حماية عالية، من بينها اعتماد تقنيات التشفير، وتكوين الموارد البشرية في السلامة الرقمية، وضمان توافق المشروع مع القوانين الجاري بها العمل، وعلى رأسها مشروع القانون 36.21 المتعلق بالحالة المدنية.
تجدر الإشارة إلى أن فتح الأظرفة التقنية والمالية الخاصة بهذا المشروع سيكون بتاريخ 29 ماي 2025 بمقر مديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية في الرباط. ومن المرتقب أن تنطلق الأشغال فور تحديد الشركات الفائزة، وفق دفتر تحملات صارم يضمن احترام المعايير القانونية والتقنية، مع أفق بناء منصة إلكترونية موحدة تمكّن المواطنات والمواطنين من طلب وثائقهم الإدارية عن بُعد، في إطار مغرب ذكي وشامل.