ثقافة

المرأة المعصوبة الحاملة للسيف والميزان رمز للعدالة.. فما الذي تعنيه!

قديما منذ فجر التاريخ كان يرمز للعدالة بـ«امرأة معصوبة العينين تحمل ميزاناً وسيفاَ»، فقد تم استخدام هذا التعبير عبر قرون متعددة وحضارات مختلفة ومتباينة، وذلك لدلالته القوية ومعناه الواضح، حيث تلعب المرأة دوراً فعّالاً وحيوياً في بناء المجتمع، فهي اللّبنة الأساسيّة للمجتمعات المتقدمة، وهي كالبِذرة الّتي تُنتج ثماراً تصلُح بصلاحها وتفسد بفسادها؛ فهي من تَبني الأجيال لِينهضوا بحضارتهم، ويصنعوا مستقبلاً واعداً لبلادهم.
وبسبب هذه الأهمية الكبرى للمرأة كانت هي سيدة العدل وأصبحت رمزا له في كافة أصقاع الأرض، فهى تعتبر منحوتة «سيدة العدل» من بين التماثيل الأعظم المعترف بها عالمياً ومن المثير للاهتمام أن هذا التمثال موجود في معظم المباني القانونية وبيوت العدل في العالم.
وفى داخل قاعات المحاكم على مستوى العالم توضع هذه الصورة للمرأة المعصوبة التى تمثل العدالة لتذّكر العاملين بقطاع القضاء بالعدل للجميع، فإذا كانت البشرية منذ عهود سحيقة قد اتخذت من المرأة أعلى صورة للعدالة، فما الذى جعل دورها يتلاشى فى معظم المجتمعات العربية والإسلامية بهذه الصورة.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا..لماذا يرمز للعدالة بامرأة معصوبة العينين..تحمل بيدها ميزان..وبالأخرى سيف؟
يُجيب الخبراغ القانونيون، أن هذه الصورة ترمز إلى المدرسة الجنائية التقليدية التي يقيس القاضي فيها حجم العقوبة بقدر حجم الجريمة دون أن ينظر إلى شخص المجرم والأسباب التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة، ولهذه الأسباب ظهرت بعدها المدرسة «النيو كلاسيكية» لكنها لم توفق وبعدها ظهرت المدرسة الوضعية الإيطالية بزعامة الطبيب العسكري «لومبروزو» حيث تم تصنيف المجرمين إلى المجرم بالصدفة والمجرم الخلقي وغيرها من التقسيمات، فضلاَ عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمجرم وأخذ هذه الظروف بنظر الاعتبار عند تحديد العقوبة والمعروف «بمبدا تفريد العقوبة» فأصبح للقاضى حرية إصدار العقوبة تشديدا أو تخفيفا طبقا للسيرة الجنائية «صحيفة السوابق» .
الرﻣﺰ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﺈﻣﺮﺃﺓ ﻣﻌﺼﻮﺑﺔ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻴﺰﺍﻧﺎً ﺑﻴﺪ ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﺍﻷﺧﺮﻯ، فإنها «ﻣﻌﺼﻮﺑﺔ ﺍلعينين» ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﺩﻭﻥ أﺩﻧﻰ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻢ، أﻣﺎ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ تحمله ﻓﻴﻪ إﺷﺎﺭﺓ إﻟﻰ ﺍﺣﻘﺎﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮن.
ﺑﻴﻨﻤﺎ «ﺍﻟﺴﻴﻒ» ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺮﺍﺩﻋﺔ ﻟﻠﺠﺎﻧﻲ ﻭﺍﻷﻗﺘﺼﺎﺹ ﻣﻨﻪ ﻟﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﺬﻟﻚ، ﺍﻷﻣﻮﺭ إﻟﻰ ﻧﺼﺎﺑﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﻛﻔﺘﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺘﻴﻦ ﺑﻌﺪ أﻥ ﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﺟﺮﻳﻤﺘﻪ ﻓﺴّﺒﺐ ﺍﺧﻼﻻً ﻓﻴﻬﺎ، ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ «ﺇﻣﺮﺃﺓ» ﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺭﺟﻼً ﻓﻬﻲ ﻟﻺﺷﺎﺭﺓ ﺃﻧﻪ ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻛﻮﻥ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﺭﺣﻢ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ.

مدير الموقع

المنشور السابق

قضاة الفوج 46 يؤدون اليمين القانونية بعد الموافقة الملكية السامية على تعيينهم في السلك القضائي

على إثر الموافقة المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس المجلس الأعلى…

3 ساعات منذ

أمير المؤمنين يترأس اليوم الأحد إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط

أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره…

4 أيام منذ

المغرب..توجه عام لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي

تتجه المملكة المغربية لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت الأغلبية الحكومية استعدادها لمناقشة تشريع…

7 أيام منذ

وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تُعلن عن تسجيل حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة

في إطار المنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي، وتنفيذاً لسياستها التواصلية، تُعلن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية…

أسبوع واحد منذ

اجتماع اولي لتفعيل الشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة للاستفادة من دورات تكوينية حول قضية الوحدة الترابية.

في سياق التحضير للشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة استقبل السيد فريد الباشا…

أسبوع واحد منذ

المجلس الاقليمي لوادي الذهب يعقد دورته العادية لشهر شتنبر

بقاعة الاجتماعات الكبرى بولاية الداخلة، عقد المجلس الاقليمي لوادي الذهب، يومه الاثنين 9 شتنبر 2024…

أسبوع واحد منذ