روبورتاج

الداخلة.. ” سبخة إمليلي” فضاء ايكولوجي فريد مهدد بالتلوث

دعما منها للمواهب الصحفية الشابة تنشر نقطة بريس ربورتاج صحفي منجز من طرف النادي البيئي بثانوية محمد السادس بمدينة الداخلة، حول زيارة الى سبخة امليلي بواد الذهب في اطار مسابقة الصحفيين من اجل البيئة صنف التحقيق الصحفي.

تشكل سبخة إمليلي احدى المناطق الرطبة الأكثر شهرة بالمغرب، فهي فضاء ايكولوجي فريد يعكس غنى وتنوع المجال الطبيعي بجهة الداخلة وادي الذهب، وتعتبر من المناطق الرطبة ذات الأهمية البيئية عالميا كمجال صحراوي ذو قيمة نظرا لتنوعه البيولوجي، وبالتالي يمكن استثماره مستقبلا كأحد الدعامات الأساسية للتنمية المستدامة في إطار التسويق الترابي لجهة الداخلة.

في وسط الصحراء وعلى طريق وعرة وامتدادات تضاريسية صحراوية، وبعد قطعنا أكثر من 145 كلم جنوب شرق مدينة الداخلة، توجهنا صوب أحد المواقع الصحراوية الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية أي نحو سبخة “إمليلي”. وفي منطقة لها تاريخ عريق كواحدة من نقط تجمع ”فرگان” أهل الصحراء قديما وذلك راجع إلى وفرة المياه بالمنطقة والجو المعتدل الذي تتميز به نظرا لقربها من البحر.

ويصل طول السبخة إلى 13 كلم، في حين يصل عرضها الى 2.5 كلم، بينما عمقها يتراوح بين 0.4 و4.6 أمتار، ونسبة ملوحتها تتراوح ما بين 24 و350 غ/ل، وتقدر مساحتها بـ أكثر من 30 كلم مربع، وتتوفر في جهتها الشمالية على أكثر من 160 من الجيوب المائية الدائمة التي تحتضن أعدادا كثيرة من الأسماك من نوع ” تيلابيا غينيا ” المتواجد بمنطقة غرب إفريقيا جنوب نهر السنغال، فضلا عن أعداد من النباتات والحيوانات التي تزخر بها المنطقة.(حسب تصريح امين جمعية الطبيعة مبادرة بالداخلة محمد براي)

ناهيك عن أنواع باتت نادرة في المنطقة كنبات “السمار” الذي كان يستعمل في صناعة “حصيرة السمار”، ومن بين أشجار المنطقة: “الطرفة“، “الگرزيم“، ” لعريش ” والكثير من النباتات الصحراوية ك” العكاية “، ” افزو“، “ام لبينة “، ” ام ركبة “، ” لعراض” و غيرها من الانواع، إضافة إلى أن المنطقة تعيش بها أنواع مختلفة من الحيوانات والطيور المهاجرة، كل هذا التنوع الذي يرسم لوحة فنية بيئية لم يشفع للمنطقة التي باتت اليوم تصارع التهميش وكافة أنواع الدمار البيئي.

مؤهلات طبيعية في حاجة للتثمين

في السنين الأخيرة أصبحت “سبخة إمليلي” نقطة من أهم المناطق السياحية بجهة الداخلة وادي الذهب، التي تجذب السياح سواء كانت سياحة داخلية او من بعض الدول الأجنبية الراغبين في الاستمتاع بتنوعها البيولوجي، والمناخ الصحراوي الرائع، كما انها فتحت باب العمل في مجال النقل السياحي لمجموعة من شباب المنطقة، وكذا المخيمات والفنادق الموجودين بالجهة.

لكن ما يلاحظ ان السبخة تعاني في صمت من حدة التلوث، مما بات يشكل تهديدا حقيقيا للتنوع البيولوجي بالمنطقة، حيت نجد ان السياح الوافدين على السبخة لا يحترمون فيما يخص القوانين البيئية بخصوص المناطق الايكولوجية الرطبة، كما يرتكبون الكثير من الخروقات في حق الجيوب المائية الموجودة بها كالسباحة، ورمي الأزبال، او رمي فتات الخبز للأسماك مما قد يغير أنظمتها الغذائية.

الإهمال وغياب المراقبة على المنطقة

ما يلاحظ أيضا هو غياب السلطات الوصية جعل من سبخة إمليلي مكانا تعمه الفوضى من حيت عدم احترام خصوصية المنطقة بيئيا من طرف بعض السياح او من بعض زوارها دون أن تبادر السلطات باي ردة فعل لحد الساعة عوض اتخاذ تدابير ردعية في حق المخالفين للقانون، وحماية هاته الأنظمة الايكولوجية الهشة.

والأخطر هو ما يروجه بعض مرافقي السياح او أصحاب الخيام من مغالطات والكذب على زبنائهم من خلال الادعاء بأن أسماك إمليلي تنظف الجلد الميت من الأصابع، وبالتالي يشجعون السياح على وضع أقدامهم في جيوب المياه ورمي الخبز لجذب سمك البلطي، وقد عاينا بعض هاته السلوكيات ووقفنا عليها، وقمنا بجمع النفايات وبقايا الطعام المرمية هناك…هذه الأفعال تضر بالكائنات الحية التي تطورت على مدى آلاف السنين للتكيف مع الظروف الطبيعية المحلية لهذا النظام البيئي الفريد.

الحاجة للتوعية والتحسيس بأهمية السبخة

تعتبر جمعية الطبيعة مبادرة بالداخلة من أولى الجمعيات البيئية التي دقت ناقوس الخطر منددة بما لحق السبخة من تدمير وتلوث، ولقد أطلقت الجمعية مشروعا طموحا يهدف الى حماية المنطقة وتثمينها رفقة عدة شركاء من بينهم جهة الداخلة وادي الذهب والمندوبية السامية للمياه والغابات بالإضافة الى جماعة إمليلي والمجلس الإقليمي للداخلة لإجراء دراسات شاملة تهم مختلف الجوانب المتعلقة بالسبخة، ونشر ثقافة الوعي البيئي خاصة لذا الناشئة بجهة الداخلة وادي الذهب، كما نشير الى ضرورة تكثيف الوصلات الاشهارية والحملات التحسيسية والتوعوية كأحد المناطق الرطبة المحمية.

إن إدراج “سبخة إمليلي” ضمن لائحة المناطق الرطبة ذات الأهمية الإيكولوجية على الصعيد الدولي والتي تؤطرها اتفاقية ” رامسار” للمناطق الرطبة جعل منها فضاء إيكولوجيا، وجب على الجميع الحفاظ عليه، والإحساس بقيمته، وعدم تحويله الى مكبا للنفايات وتوفير العناية الكاملة، كخزان طبيعي وكفضاء ذا تنوع بيولوجي يشكل رافدا من روافد التنمية المستدامة للمنطقة بصفة خاصة ولبلادنا بصفة عامة.

 

مدير الموقع

المنشور السابق

أمير المؤمنين يترأس اليوم الأحد إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط

أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره…

4 أيام منذ

المغرب..توجه عام لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي

تتجه المملكة المغربية لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت الأغلبية الحكومية استعدادها لمناقشة تشريع…

6 أيام منذ

وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تُعلن عن تسجيل حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة

في إطار المنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي، وتنفيذاً لسياستها التواصلية، تُعلن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية…

أسبوع واحد منذ

اجتماع اولي لتفعيل الشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة للاستفادة من دورات تكوينية حول قضية الوحدة الترابية.

في سياق التحضير للشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة استقبل السيد فريد الباشا…

أسبوع واحد منذ

المجلس الاقليمي لوادي الذهب يعقد دورته العادية لشهر شتنبر

بقاعة الاجتماعات الكبرى بولاية الداخلة، عقد المجلس الاقليمي لوادي الذهب، يومه الاثنين 9 شتنبر 2024…

أسبوع واحد منذ

لجنة منبثقة عن مجلس جهة كلميم واد نون تقف على حجم الخسائر التي خلفتها الفيضانات الأخيرة بالجهة

بتعليمات من السيدة رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، انتقلت يومه الأحد 08 شتنبر 2024…

أسبوعين منذ