وطني

تونس..الحياد الرمادي

لطالما وصفت العلاقات المغربية – التونسية بالجيدة، ذلك أن البلدين يشتركان في أكثر مما يختلفان فيه. فالدولتان كانتا (على خلاف الجزائر) تحت نظام الحماية الفرنسية، كما أنهما استقلتا في نفس العام ( 1956) ، و نهجتا توجها رأسماليا غربيا عكس معظم دول شمال إفريقيا و الشرق الأوسط الحديثة العهد بالاستقلال التي تبنت النمط الاقتصادي الاشتراكي.

وقد أنتج هذا التشابه في تجربة الدولة الحديثة في البلدين إلى تشابه في البنية الاقتصادية للطرفين : فالبلدان اعتمدا على تصدير المنتجات الفلاحية، و راهنا على القطاع السياحي، وجلب الاستثمارات الخارجية، كما ارتكزت صادراتهما على تصدير الثروة الفوسفاطية التي تكتنزه أراضيهما ولو بكميات متباينة.

وبدوره، أدى هذا التشابه في البنية الاقتصادية بين الدولتين إلى بروز منافسة اقتصادية محتدمة ابتدأت من المنافسة على جلب السياح وصولا إلى التنافس على جذب الاستثمارات، وقد ظل هذا التنافس على حاله إلى حدود سنة 2011 عندما اندلعت الثورة التونسية حيث أثرت وضعية عدم الاستقرار السياسي على الوضع الاقتصادي بالبلاد، وأدت إلى تدني عدد السياح الوافدين على البلاد و إلى هروب الاستثمارات الخارجية إلى بلدان أخرى.

هذا الواقع الاقتصادي الذي أضيف إلى خيبة الأمل السياسية و إلى الاحباط الذي تملك النخبة التونسية التي كانت تطمح إلى تجربة ديمقراطية فريدة على مستوى المنطقة، ولّد امتعاظا لدى هذه الأخيرة وهي تشاهد ازدهار السوق السياحية المغربية، وتوافد الاستثمارات الأجنبية الكبرى على المغرب، وسيطرة صادرات المغرب من الفوسفاط على السوق الدولية، حيث بدأ الحديث في الصالونات المغلقة ما فتئ ان خرج للعلن في القنوات الفضائية عن “سرقة” المغرب للسوق السياحية و للإستثمارات الأجنبية التي كان من المفروض أن تحط الرحال بتونس.

لتصبح هذه “الأطروحة” مع طول أمد الأزمة شعورا عاما لدى التونسيين من الشعب إلى النخبة الاقتصادية ولتتحول بدورها إلى مايشبه “غيرة سياسية” بدأت بوادرها تظهر منذ وصول الرئيس قيس سعيد إلى هرم السلطة في البلاد عندما لم يستقبل السفير المغربي حسن طارق كما دأبت على ذلك الأعراف الدبلوماسية، مرورا بالموقف السلبي لتونس من الوحدة الترابية للمغرب في اروقة الأمم المتحدة، وصولا للاستقبال الرسمي الذي خصه هذا الرئيس لزعيم البوليساريو مخالفا بذلك الحياد الذي سار عليه سالفيه من رؤساء البلد.

مخطئ من يعتقد أن موقف القيادة التونسية قد تغير بين ليلة وضحاها بأموال الشعب الجزائري التي يوزعها النظام العسكري المسيطر على قصر المرادية يمينا وشمالا من أجل تقسيم المغرب، بل ان هاته الأموال لم تكن إلا عود ثقاب الذي أشعل فتيل أزمة/عقدة كانت تتملك النخبة التونسية منذ عقد من الزمن، ما تفتئ ان تتحول إلى رماد مع معاودة نزول أسعار البترول، حينئذ تبقى المواقف التاريخية وحدها شاهدة على أصحابها.

 

نقطة بريس

مدير الموقع

المنشور السابق

قضاة الفوج 46 يؤدون اليمين القانونية بعد الموافقة الملكية السامية على تعيينهم في السلك القضائي

على إثر الموافقة المولوية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس المجلس الأعلى…

7 ساعات منذ

أمير المؤمنين يترأس اليوم الأحد إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط

أعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره…

5 أيام منذ

المغرب..توجه عام لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي

تتجه المملكة المغربية لتقييد استخدام القاصرين لمواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت الأغلبية الحكومية استعدادها لمناقشة تشريع…

7 أيام منذ

وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تُعلن عن تسجيل حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة

في إطار المنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي، وتنفيذاً لسياستها التواصلية، تُعلن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية…

أسبوع واحد منذ

اجتماع اولي لتفعيل الشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة للاستفادة من دورات تكوينية حول قضية الوحدة الترابية.

في سياق التحضير للشراكة بين جامعة محمد الخامس والمجتمع المدني بالداخلة استقبل السيد فريد الباشا…

أسبوع واحد منذ

المجلس الاقليمي لوادي الذهب يعقد دورته العادية لشهر شتنبر

بقاعة الاجتماعات الكبرى بولاية الداخلة، عقد المجلس الاقليمي لوادي الذهب، يومه الاثنين 9 شتنبر 2024…

أسبوع واحد منذ